شباب 24 آذار .. لماذا لا نقرأ بهدوء هذه السطور ؟؟

المدينة نيوز – خاص – ميس رمضان - : ندرك جميعا أن النشاط السياسي والحراك السلمي أمر مرحب به في الدول التي تحترم نفسها ، وقد كان الاردن إلى وقت قريب يتحسس من نشاطات " طلابية " حتى ، إلى أن بدأ الحراك الشعبي " البوعزيزي " مطالبا بالإصلاح وأحيانا بالتغيير .
منذ أن بدأ ذلك الحراك والإعتصامات والمسيرات تتوالي ، وآخر اعتصام هو لطفل في السادس الإبتدائي اعتصم أمام بيته لثلاث ساعات مطالبا والده بتغيير إحدى المعلمات ، حسب ما قالت والدته ..
وهناك اعتصام آخر قام به الكتاب والشعراء في اللويبدة ، ، حيث طالب الكتاب والشعراء بحرية الكلمة وغيره .. ولو حسبناها لأحصينا عشرات إن لم يكن مئات الإعتصامات والمسيرات نفذت في غضون أسابيع ..
اعتصم المعلم والعامل والطالب والحزبي والنقابي واعتصم الأطفال والنساء والمفصولون من أعمالهم ومن لا يقبضون رواتبهم وكل الناس .. شيئ جميل أن نرى بلدنا فيه هذا النشاط السياسي والحراك الإجتماعي المطالب بالإصلاح لتنتقل البلد إلى زمن جديد تسوده الديمقراطية غير المزورة والمزيفة ، وغير الإنسانية ..
وصلت الأمور بأحد الإعتصامات أن وقف شباب من حركة عمالية أمام الديوان الملكي لساعات دون أن يعترضهم أحد ، بل إن اعتصامات ومسيرات المعارضة التقليدية وغيرها تتم بحراسة الشرطة ..
كل ذلك وغيره يوحي بأن الحرية هي الخيار الذي اتخذته الدولة ، بل إن الملك نفسه اجتمع مع كافة الأطياف السياسية بمن فيهم الإسلاميون الذين تناولوا الغذاء على طاولة الملك ، إلى أن تمت تسمية بعضهم كأعضاء في لجنة الحوار غير أنهم لم يعجبهم الأمر واختاروا الشارع وقبله أصدروا فتوى أن المظاهرات واجبة شرعا ، مما دلل على نيتهم في التصعيد ، ليس فقط لو اختيروا في لجنة الحوار ، بل حتى لو جـُعلوا هم قادة الحوار في البلد . ..
ومؤخرا أعلنت إحدى الحركات الشبابية وتدعى " شباب 24 آذار " أنها ستعتصم يوم الخميس على دوار الداخلية ، وتجمع أنصارها وأعضاءها منذ فترة على صفحة على الفيس بوك .
إلا أن اللافت هو أن المطالب التي تدعوا إليها هذه الحركة الشبابية التي أدعو لها بالتوفيق كونها حركة واعية وناضجة ، أنها أعلنت 7 مطالب :
الأول : تريد برلمانا يمثل الشعب ، ولو ناقشنا هذا المطلب والمطالب الستة الأخرى ( نختار هذه الحركة الشبابية ومطالبها كأنموذج عن حركات مشابهة وصلت العشرات وذلك ليس للحصر بل لتقريب المعنى والمبنى ) .. نقول : لو ناقشنا هذا المطلب الاول لوجدنا أن الملك في رسالته لطاهر المصري رئيس لجنة الحوار هو الذي طلب أن لا يتعدى قانون الإنتخاب الموعود 3 أشهر من أجل فرز مجلس نواب حقيقي يرضى عنه الشعب .. وعليه ، فإن هذا المطلب لم تجب عنه الحكومة ، بل أجاب عنه رأس الدولة نفسه ، فليس من داع للإعتصام على دوار الداخلية وإرباك مصالح الناس طالما أنه مطلب عادل بدئ به عمليا من خلال رسالة ملكية للجنة " فعلية " وليست في الخيال ..
المطلب الثاني : حكومة وطنية منتخبة : وهو مطلب لا يخرج عن المطلب الأول ودلالاته ومعناه ، ذلك أن قانون الإنتخاب هو الذي سيفرز مجلس النواب الموعود ، ومجلس النواب الموعود هو الذي سيقود إلى حكومة منتخبة في حال أقر قانون الأحزاب الذي طلب الملك إقراره بالتزامن مع قانون الإنتخاب ، بمعنى أن هذا المطلب متحقق أصلا بتحقق الحوار الهادئ الرصين ، فلا داع له أصلا .
المطلب الثالث : إصلاحات دستورية حقيقية ، وهنا نسأل : كيف سيكون هناك إصلاحات دستورية حقيقة والقوى السياسية في البلد لم تحسم أمرها حول التعديل الدستوري الذي تريد ، فبين من يطالب بالملكية الدستورية فإن هناك من لا يطالبون بذلك ويرفضونه رفضا قطعيا على اعتبار أنه مطلوب " ملك قوي " خاصة في بلد مثل الأردن لأن غير ذلك ستكون آثاره كارثية على البلد كله ، ومسـألة الإصلاحات الدستورية مسألة يدعو إليها الجميع ولا خلاف عليها ، فما المقصود بالإصلاحات الدستورية الحقيقية سوى أن ينتظم البلد ضمن سياق تقبله كل الأطراف ، ومؤخرا سئل زكي بني ارشيد عن الإصلاحات الدستورية التي تتحدث عن الملكية الدستورية فنفى أن يكون الإخوان طالبوا بذلك أصلا ، مع أنه لم ينف قبوله به ، ومن هذا المنطلق فإن هناك جهودا تبذل على مدار الساعة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطياف ، فالذي يصنع التعديلات الدستورية هو الحوار والشعب ولا أحد سواهما وليس الإعتصامات .. .
المطلب الرابع : محاكمة الفاسدين .. وهو مطلب يطالب به كل الشعب الأردني ، بمن فيهم الفاسدون ، الذين يوحون أنهم " حملان وديعون " ، وزيارة رأس الدولة لهيئة مكافحة الفساد وتصريحه الشهير بانه مع كشف الفساد حتى في الديوان الملكي ، وهو التصريح الذي اعتبر ثورة ملكية على الفساد والمفسدين ، أصبحت بما حملت من تصريحات ودلالات مرجعا حتى للقائمين على مكافحة الفساد الذين شد الملك على أيديهم بكل قوة ، ليظلوا أقوياء .. مما انعكس حتى على تصريحات سميح بينو في الآونة الاخيرة ، إذ أصبح الرجل يعمل في العلن بكل شفافية وبدون أي ارتباك . ..
المطلب الخامس : إصلاح النظام الضريبي : وهل يصلح النظام الضريبي من خلال الإعتصامات وإغلاق دوار الداخلية مثلا ، فالنظام الضريبي الذي وضع له قانون يرى البعض أنه غير عادل ممكن التغيير والتبديل بدون اعتصامات ، إذ إنه وبعد فرز مجلس النواب الجديد المنتظر فإنه بإمكان عدد محدد من النواب اقتراح قوانين وإلزام الحكومات بها ، وهذا منتظر بعد إجراء الإنتخابات في ظل القانون الجديد الذي ستقره كل القوى وكل الناس ، ولن يكون إلا بالتوافق مع الجميع وبرضا الجميع ..
المطلب السادس : رفع القبضة الأمنية : وهو مطلب حق وعادل يطالب به الجميع وليس هؤلاء الشباب فقط ، ونعتقد بان هذه القبضة ارتخت كليا الآن ن ولم نسمع منذ بدء الإعتصامات والمسيرات عن اعتقال أي شخص لأسباب سياسية ، على حد علمي على الأقل لكي لا أظلم أحدا ..
المطلب السابع : تحقيق الوحدة الوطنية : وهو مطلب كل الأردنيين ولطالما نادى به رأس الدولة وضمنه كافة خطاباته وكتب تكليفه ، وتحدث عنه في كافة المناسبات ..
لكل ذلك ، ومن وجهة نظري المتواضعة ، فإنني أرى أنه لا داع إطلاقا لهذا الإعتصام الذي قد يعيق الإصلاح الذي نسعى إليه جميعا ، أو قد يشوش عليه على الأقل ، وآمل من الشباب والشابات أن يفكروا : هل الإصلاح بالإعتصام أم بالحوار ، بالصوت العالي أم الهادئ ، ولو لم تتخذ الدولة خيارات الإصلاح الذي دعت إليه هذه المجموعة من الشبان الأردنيين وسبقها فيه كافة القوى السياسية والشعبية وغيرها لكنت أول المعتصمين ، ولكن الخيار حسم ، والدولة اختارت الإصلاح الشامل ، فلماذا لا نشارك بالرأي وليس بإغلاق دوار الداخلية ؟؟ ..
آمل أن يفهمني الشباب " صح " فأنا وبنقرة على جوجل سيعرفون أنني أحدى محاربات الفساد والمطالبات بالإصلاحات منذ شهور وقبل هذه الفورات والثورات ، ولكنني – مرة أخرى – مع الحوار الهادئ ، وليس إغلاق الدوار .