قبس المنطقة
من المعلوم لدى الجميع حجم الاحترام الكبير الذى يحظى به جلالة الملك والاردن فى المحافل الاقليمية والدولية، لكن كم شدتني مكانة رأس الدولة الاردنية فى قلوب الجاليات العربية، فهنالك كم كبير من المودة الذى تكنه الجاليات العربية لجلالة الملك والاردن نتيجة مواقفه إزاء مجمل الاحداث ومقدار تحمله للكثير من الضغوطات الاقتصادية والسياسية، وقدرته على المرونة مع متغير الاحداث، اضافة الى حماية الاردن دوره ورسالته في اللحظة التاريخية التى تعيشها المنطقة، وهذا ما يمكن المرء قراءته عند الحديث عن المنطقة ورياح التغيير فيها.
وكم استوقفني بفخر ما يتم ذكره من انجاز للدولة الاردنية نتيجة حمايتها واستيعابها للرأي الاخر على الرغم من مغالاة اصوات المعارضة احيانا، ومع ذلك بقي الاردن يحافظ على ثباته في حماية اصوات المعارضة ضمن اعلى درجات الاستيعاب، من على ارضية المحافظة على حرية التعبير والتزام الدولة الاردنية بالديموقراطية التعددية، وهذا ما جعل من النموذج الاردني يحظى باحترام كبير ليس على الصعيد الرسمي لكن ايضا على المستوى الشعبي، فالاردن بات عنوان الحرية والانضباط وسط منطقة تعج بالاشكالات تعتبر الاشكالية الرئيسية فيها عدم قدرة الدول على احتواء الراي الاخر وعدم استيعاب التنوع الاثني و عدم هضم التعدد المذهبي، وهي ابرز التحديات التى جعلت من بلد تغدو بلدانا ومن مجتمع يكون مجتمعات حتى غابت السمة الموحدة التى تحفظ للدولة هويتها، بينما كان الاردن من بين الناجحين عندما نجح الاردن في تعميق التوجهات الوطنية بالحريات والديموقراطية.
وفى صوفيا حيث كانت محطتي، برز حجم الاحترام الكبير للمواقف الاردنية على الصعيد الرسمي والشعبي ومقدار المودة التى تكنها الجالية العربية للاردن باعتباره يشكل قصة نجاح حقيقية، الامر الذى اكده المتحدثون فى اللقاءات العديدة التى عمدت الجالية الاردنية والعربية علي تنظيمها فى الجامعات كما في الاوساط العربية، وكان لافتا حجم العمل الذى جسده، حسن البرماوي وعبدالله المعاني وحسين ابو قلبين وحابس المجالي واحمد حموض ويوسف البدري وجسام الدليمي وتيمور الشيشاني بالغ الاثر فى تنظيم عمل الجالية العربية من اجل ايصال الرسالة الاردنية التى حملها الاردن نيابة عن الامة العربية.
نعم، قد يكون لدينا اخطاء اعترت مسارات المسيرة لكنها لم تكن كارثية، مع ان المنطقة تعيش في اجواء كارثية، فمن يعمل بحاجة دائما للتقييم، والدولة التي تسعى للنجاح هي الدولة التى تسعى دائما لتقييم مساراتها فى كل المنعطفات لاسيما فى المحطات المفصلية والتى غالبا ما تاججها المناخات الاقليمية الحادة وليس العوامل الذاتية.
وهذا ما يجعلنا نثق بقدرة الدولة الاردنية على تخطي الصعاب العميقة والمعيقات الانية التى تواجة مسيرة الانجاز حتى يعاد دائما اعادة تاهيلها ضمن سياق متطلبات الظرف الاقليمي المتغير، فان المرونة مقرر رئيسي فى حماية المسيرة من الكسر، هذا لان ثبات الساق لا يعني عدم استجابة الاغصان لبقاء الشجرة شامخة تظلنا فى ظلها، فى ظل التنبؤات التى تشي عن ولادة الاعصار القادم الذى يخشي من تداعياته بعض السياسيين، فان الحيطة تقتضي الاحاطة وحسن الاستجابة، للدخول مع المتغير من باب التقديرات التي نستطيع الكتابة عليها حتى لا تكتب فينا تداعياتها ما يكتب علينا، لكن مهما كانت احمالها واشتدت رياحها، فان الاردن قادر بما تمتلك قيادته من ارادة مقرونة باستشراف وما يمتلك شعبه من عزيمة ممزوجة بوعي ان يتخطى كل التحديات، فاذا كان هنالك قبس ينير فى ضبابية المنطقة ومستقبلها فالاردن سيبقى يشكله.