سياسيون يحثون الحكومة لتنفيذ مضامين الخطاب السامي
المدينة نيوز :- حث سياسيون وخبراء، الحكومة على الاستجابة لخطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي أمام مجلس الامة أمس الاحد، ووضعوها أمام مسؤولية تنفيذ مضامينه خاصة القرارات الاقتصادية التي تحتاج إلى جرأة في التنفيذ.
كما طالب هؤلاء الحكومة بدعم السلطة التشريعية، مشددين على أنه لا يمكن لأي حكومة ان تكون ناجحة وتلبي احتياجات المواطنين دون دعم للسلطة التشريعية.
وأشاروا إلى ان الرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هي مواقف ثابتة وغير قابلة للمساومة، وأن القدس ليست عنواناً لمناسبات معينة بل هي في صميم وقلب كل هاشمي وأردني.
نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الأسبق الدكتور جواد عناني قال: إن جلالة الملك تحول في خطابه السامي من مفهوم التركيز على الإصلاح المالي إلى التركيز على التنمية والنمو وفرص العمل، وهذا هو الحل لمشاكل الحكومة اليوم، داعيا الحكومة للتركيز على إصلاح نحو 85 بالمئة من إيرادات الموازنة العامة القادمة من الشعب أصلا، حتى تستطيع أن تصلح ما تبقى من المساعدات الخارجية التي تشكل نحو 15 بالمئة من الموازنة.
وأشار عناني إلى أن الأجندة واضحة جداً أمام الحكومة، وعليها بالدرجة الأولى أن تخفف من كل الالتزامات والاختناقات والقرارات الإدارية البطيئة التي تصاحب رحلة المستثمر في المملكة، مشددا على ضرورة اتخاذ الاجراءات المناسبة بحق كل من يؤخر أي عملية استثمارية مجدية اقتصادياً من موظفين أو مسؤولين ،" فلا تهاون على الإطلاق مع من يعرقل تشجيع الاستثمار" .
وأشار الى أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال بعد منح الترخيص للمستثمر أن يعاني من أية مشاكل ومعرقلات لدى أية جهة كانت، ويجب أن تكون الشروط واضحة تماماً لدى هيئة الاستثمار ليعرف المستثمر ما له وما عليه بالتحديد"، كما "لا يجوز على الإطلاق تغيير صفة العقد اذا ما تم توقيعه، حتى لو صدر قانون جديد"، موضحا أن القوانين الجديدة التي تصدر يجب أن تحافظ على المكتسبات للمستثمر الذي خضع لقانون سابق، وبالتالي يطبق القانون الجديد فقط على المشاريع الجديدة. ولفت إلى أن كلفة الطاقة لا يجوز أن تبقى بالشكل الذي هي عليه اليوم، إذ إنها باهظة جداً على الاستثمار والمستثمرين، ما يضعف فرص المنافسة بين المستثمرين".
وقال: إن الاستثمار يعاني من كلف الفوائد على الرغم من أن البنك المركزي اتخذ مجموعة من الاجراءات للتسهيل على الصناعة وغيرها بفوائد أقل، إلا أنه يجب أن يمنح المستثمر تمويلاً معقولاً أسوة بباقي دول العالم، مضيفا ان مشكلة البطالة هي المعضلة الأساسية التي نواجهها اليوم ويعاني منها الشباب، وان فتح باب الاستثمار من شأنه استيعاب هذه الأيدي العاملة وتشغيلها. وطالب الحكومة بإيجاد استثمارات لمشاريع كبرى حتى تحفز الإنتاج الفعال، وترفع القدرة على التصدير وتفعل استغلال الموارد الطبيعية وتخلق فرصاً للإنتاج الصغير والمتوسط، مشددا على ضرورة تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن المستهلك وليس فقط المستثمر، بتخفيض ضريبة المبيعات على السلع المنتجة محليا، وتخفيض الضرائب الجمركية على السلع المستوردة.
نائب رئيس غرفة صناعة عمَّان موسى السَّاكت أكد ان حديث الملك في خطاب العرش السامي أو ما سبقه من كتب لتكليف الحكومات المتعاقبة، كلها تحدثت عن الأزمة الاقتصادية، وايجاد الحلول المناسبة لذلك، متسائلا: هل تمتلك الحكومة الحالية أدوات التنفيذ؟ بمعنى هل تمتلك متخصصين وأصحاب خبرة في الاقتصاد الكلي للوصول الى حلول تنعكس على المواطنين. وقال: إن معدل البطالة في الأردن وصل إلى 2ر19 بالمئة، وهذه النسبة تحتاج إلى معدل نمو يصل إلى 5 بالمئة، بينما معدل النمو المعلن رسميًا 8ر1 بالمئة، داعيا الحكومة لرفع هذا المعدل حتى نصل لحلول اقتصادية لأكثر المشاكل إزعاجًا وهي البطالة. ولفت إلى أن توجيهات الملك تتطلب من الحكومة البحث عن حل لوقوع نحو 45 ألف خريج جامعي كل عام في جيوب البطالة، مع وجود 80 إلى 90 ألف خريج جامعي سنويًا، وهذا فقط من الجامعات ويجب الوصول لحل اقتصادي علمي من أصحاب رؤى واختصاص عال. وأشار إلى أن على الحكومة بعد الحديث الملكي تحسين بيئة الأعمال وتقليل الكلف التشغيلية بشكل عام حتى لا تستمر خطورة إغلاق كثير من الابواب التجارية وبالتالي مزيد من العاطلين عن العمل، مطالبا بخفض ضريبة المبيعات لتعزيز القوة الشرائية، مبينا أن أي شِق انتاجي يقابله آخر استهلاكي، وهذا من صميم الخطابات الملكية الدائمة التي تحث على تحريك عجلة الاقتصاد. وزير تطوير القطاع العام السَّابق ماهر المدادحه بين أنَّ الخطاب الملكي السامي هو استنهاض للهمم ولا مكان لليأس بالمستقبل، مشيرًا إلى أنَّ القرارات الاقتصادية تحتاج إلى جرأة في التنفيذ وهذه مسؤولية الحكومة.
ونوه إلى أنَّ الحكومة أمام مرحلة استثنائية تحتاج لجرأة باتخاذ قرارات اقتصادية يتم من خلالها رفع معدل النمو وإيجاد فرص العمل وتقليل نسب البطالة ومعالجة قضايا الفقر، وان حديث جلالة الملك يفرض على الحكومة عدم التردد والتقاعس، مشيرا إلى ان حديث جلالته أمس للحكومة كان بمثابة ثقة جديدة ويجب عليها اتخاذ القرارات اللازمة.
وقال: إن الملك خاطب كل مفاصل الدولة التشريعية والتنفيذية والقضاء النزيه، للسير إلى الأمام بالأردن واقتصاده، وان على مجلس الأمة التعاون مع الحكومة لوضع التشريعات التي تخرج الاردن من الأزمة الاقتصادية والابتعاد عن (المناكفات).
المحامي الدكتور عمر مشهور الجازي، قال: ان خطاب جلالة الملك أمس جاء من حرصه على تقدم وازدهار الوطن، ويؤكد أنه لا يمكن أن يكون هناك دولة ناجحة الا بوجود عدالة واستحقاق في القانون للمضي قدما في طريق الاصلاح والانجاز، مضيفا أن استقرار القضاء بمكوناته وثقة المواطنين به تباعا يأتي من القضاء العادل.
وأشار إلى أن فضاء الأردن في القضاء نعتز به ولا يمكن أن تستقيم أي منظومة اقتصادية أو استثمارية الا بوجود قضاء عادل، لافتا إلى ان المؤشرات في الدول العالمية المتقدمة تعطي الثقة بالجهاز القضائي الذي يعتبر اعلى جهاز في الدولة ومعيار الثقة في اي عملية جاذبة للاستثمار .
وقال: إن جلالته اكد مرارا وتكرارا على استقلالية القضاء ونزاهته، ولا يمكن لأي حكومة ان تكون ناجحة وتلبي احتياجات المواطنين دون دعم للسلطة التشريعية. من جانب آخر، قال مدير أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب لــــ(بترا): إن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في افتتاح الدورة الرابعة لمجلس الأمة هو خطاب تاريخي، تحدث به أمام شعبه، بأنه حام للقضية الفلسطينية والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وهذا يخلد له في التاريخ المعاصر.
وأضاف، إن ما يقوم به جلالته من أجل فلسطين ليس غريبا عليه ولا على أجداده الهاشميين، لأنهم يعلمون بأنها لب الصراع في المنطقة والعالم أجمع، "فهي أمانة في أعناقهم، وهي حقيقة متجذرة لا يشك فيها أبدا".
وأشاد الخطيب بصمود جلالته أمام الضغوطات التي يتعرض لها، مؤكدا ولاءهم له في هذا الموقف الصعب الذي تحارب فيه العديد من دول العالم من أجل تجريد فلسطين من عروبتها ومنعها من إقامة دولة مستلقة، بشتى الطرق.
وأضاف، ان "جلالة الملك، هو رجل الحكمة والسلام"، لافتا الى أنه ولا يوجد حل للقضية الفلسطينية إلا بالسياسة والمنطق، لا بالنزاعات والحروب.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، قال: إن القضية الفلسطينية وجوهرها القدس تشكل في خطاب العرش السامي بعداً ومضموناً هاشمياً أردنياً وطنياً وقومياً متجذراً منذ فجر التاريخ، حيث يولي جلالته القضية الفلسطينية الأولوية في جميع اللقاءات والخطابات والمباحثات داخل الأردن وخارجه.
وأضاف، ان هذا دليل على أن القدس ليست عنواناً لمناسبات معينة بل هي في صميم وقلب كل هاشمي وأردني، مؤكدا أن المتمعن في خطاب جلالته يدرك أن خصوصية خطاب العرش أنه يعد تجسيداً لمعنى الوصاية الهاشمية التي تعني الديمومة والشمولية في كل آن رغم ما يتعرض له الأردن من تحديات سياسية واقتصادية.
وأشار كنعان إلى أن جلالته كما حرص على وضع استراتيجيات وبرامج جريئة لحل ما يعترض مسيرة النهوض الأردنية من معيقات؛ فإنه يحرص كذلك على ترسيخ استراتيجية واحدة ثابتة تجاه فلسطين والقدس، تقوم على حل واحد ومنهج واحد للسلام لا غيره، وهو دعم الأشقاء في فلسطين لإقامة دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في وقت صعب تنامت فيه المخاطر والتحديات تجاهها.
وأشار الى أن دعوة جلالة الملك إلى دعم الأشقاء في فلسطين والقدس، هي "نداء لضرورة وحدة الأمتين العربية والإسلامية، وهي الخطوة التي تسبق الدعم والمساندة وتجعلها أكثر فعالية ونجاحا"، لافتا إلى أن خطاب جلالته يعد نموذجاً لكل المخلصين بأن تبقى القدس شغلهم الشاغل وهمهم الأوحد الذي لا يغيب عن قراراتهم وأجنداتهم.
وأوضح أن خطاب جلالة الملك رسالة موجهة إلى الداخل والخارج، والعرب والمسلمين والمجتمع الدولي والمحبين للسلام؛ بأنه لا سلام في المنطقة ما دامت اسرائيل تحتل الأراضي العربية المحتلة، وتصر على شريعة القوة اعتقاداً منها بأنها ستجلب لإسرائيل السلام المزعوم.
رئيس قسم العلوم السياسية، ونائب عميد كلية القانون في جامعة جدارا الدكتور محمد صالح بني عيسى، قال: إن مواقف الأردن بقيادة جلالة الملك واضحة في محاربة الإرهاب والتعايش السلمي، ويُنظر إليه كأنموذج في ذلك، مبينا ان اطلاق سراح الأسيرين (اللبدي ومرعي) واستعادة الباقورة والغمر، لها نتائج كبيرة لصالح الأردن.
وقال، انه عند نقل أي قضية للمجتمع الدولي سيكون لها صدى دولي، لما للأردن من دور مؤثر في المنطقة والمجتمع الدولي.
وأوضح أن الأردن قوي بقوله وفعله ويسير بخطى ثابتة، بالرغم من الضغوطات الاقتصادية الكبيرة، استطاع أن يبدد كل المراهنات بأنه يعيش في حالة من الضعف، في الوقت الذي عجزت العديد من الدول الكبرى عن تحقيق هذه الاستحقاقات.
--(بترا)