فقر التعلم في الاردن بين الحقيقة وتشكيك الوزارة
لم يعد الامر بحاجة الى تشكيك وتفنيد من وزارة التربية والتعليم لما ذهب اليه البنك الدولي في تقريره الاخير حول " فقر التعلم " .
كان يفترض بالوزارة ان تخاطب الرأي العام بما هو مقنع وحقيقي دون ان يعني هذا ان رد الوزارة غير صحيح ، ولكن تناول نقاط الرد على البنك الدولي جاء بطريقة التفافية ممجوجة ومكشوفة .
عندما يقول البنك بان 52 % من الاطفال في الاردن يعانون من فقر التعلم في الصفوف الابتدائية ، فهذا يعني أن الاطفال في سن العاشرة - مثلا - لا يستطيعون " قراءة قصة قصيرة وفهمها " وهو معيار من عدة معايير يذهب اليه البنك في تقويمه .
أما ان تتهم الوزارة البنك بأن معلوماته قديمة وبأنها اجرت مسحا في العام 2012 ووجدت فقرا حقيقيا للتعلم ، ومن ثم اطلقت مبادرة للقراءة والحساب لمدة خمس سنوات وبأنها دربت 14 الف معلم ومعلمة للتعاطي مع ذلك فإن الحكم على هذا يكون بالنتائج وليس بالكلام : وإلا فأين هو المسح الجديد الذي اجرته الوزارة لنرى هل اثمرت مبادرتها اصلا ام ان الامر كان مجرد خربشة على الورق .
وعندما يقول البنك إن اهتمام الحكومات بالتعلم يجب ان يتوازى مع اهتمامها بالمال ، من حيث جعل القضاء على فقر التعلم هدفا استراتيجيا كالقضاء على البطالة والفقر والجوع ،فهذا يعني أن الامر يتطلب موازنات مالية تعليمية لا قبل للحكومات المدينة بها فمن أين أتت وزارة التربية بالموازنة المالية المطلوبة وهي بالكاد تكفيها موازنتها السنوية التي تدرج ضمن الموازنة العامة ، وإن وقفنا عند هذه النقطة الرئيسية بالذات ، فإننا نكون قد استنتجنا فعلا بأن رد الوزارة ليس سوى رد انشائي لا يقدم ولا يؤخر دون ان نغفل بأن الاردن في هذا مثله مثل بقية البلدان ذات الدخول المنخفضة والتي يعاني أكثر من نصف اطفالها من فقر التعلم .
وبغض النظر عن رأينا وموقفنا من البنك الدولي ، فإنه تقرير خطير جدا ، وإذا لم يقتنع به الوزير الذي سارع الى اصدار تشكيك فيه ، فإننا سنساير معاليه بمن أعمارهم أكثر من عشر سنوات ، ونذهب معه الى خريجي الجامعات ونسأل : كم خريجا يحسن القراءة والكتابة والاملاء معاليك ؟ .
د. فطين البداد