تحذير أكثر منه وصفًا
عندما يقول جلالة الملك عبدالله الثني ابن الحسين ان العلاقات مع «اسرائيل» في اسوأ حالاتها ،فان هذا هو الواقع الحقيقي لتلك العلاقة التي كان من المفروض ان تكون طبيعية لو ان الطرف الآخر ،التزم بالحد الادنى من مبادئ التعايش وحسن الجوار والحرص على قبول وتقبل دول وشعوب المنطقة لوجوده والتعامل معه ،من خلال التزامه وحرصه على اداء السلوك المناسب ،الذي يتماشى مع ادبيات وابجديات تحقيق الامن والسلام والاستقرار في المنطقة ،لكن الاحتلال الصهيوني يأبى الا ان يخالف ويمكر ولا يلتزم ويعارض ويعتدي ويستمر في تنفيذ مشاريعه وخططه وبرامجه العدائية والتوسعية التهويدية ،ضاربا بعض الحائط حقوق ومصالح ومشاعر الدول والشعوب الاخرى ،والقوانين والاعراف والمباديء والارادة الدولية.
نظرة الملك الى علاقة الاردن مع الكيان المحتل ،وصلت الى هذا الحد من التشاؤم ،بسبب السياسات والممارسات والاجراءات والقرارات الاحتلالية في فلسطين المحتلة ،والانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية ضد الارض والانسان الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس المحتلة والقوانين التهويدية وضم الاراضي المحتلة والتعمد في نسف عملية السلام وافشالها ،من اجل تنفيذ المشروع الصهيوني التوسعي في فلسطين التاريخية .
ويعتبر سلوك الحكومة الاسرائيلية بزعامة نتنياهو خلال السنوات الاخيرة السبب الرئيس في انحدار هذه العلاقات ،ومما شجع نتنياهو على التمرد والتمادي وتصعيد القمع والعنف والوحشية ضد الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية الانحياز المطلق للاحتلال الصهيوني الذي تمارسه الادارة الامريكية بشكل واضح وعلني.
الوصف الملكي للعلاقات الاردنية الاسرائيلية بأنها في اسوأ حالاتها ،هو في الحقيقة تحذير للاحتلال من الاستمرار في سياسته المعادية تماما لأسس ومبادئ السلام وحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، الذي يجب ان يقوم على اساس حل الدولتين ،وفي هذا السياق جاءت تصريحات جلالته الصحفية اكثر وضوحا وحسما ودقة ،عندما قال ان امريكا هي التي تصنع السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ،نعم صحيح وهذا السلام الامريكي المفترض يجب ان يستند الى العدالة وقرارات الشرعية الدولية ،وهذا تأكيد على ان الدور الامريكي يجب ان يكون منصفا وعادلا غير منحاز لا يتبنى المواقف الاسرائيلية ولا ينفذ المطالب الاسرائيلية .
«اسرائيل» لا تهتم الا بمصالحها ومشاريعها ،وتزداد عنفا وشراسة عندما تجد الدعم والتأييد الامريكي المطلق لسياساتها وممارساتها ،لذلك فهي تشكل خطرا حقيقيا على جميع دول المنطقة وشعوبها ،وحاليا بدأ الشارع الاسرائيلي يشعر بجدية الخطر الذي يشكله وجود نتنياهو في السلطة ،واخذت ترتفع درجات الغليان ضده وتتصاعد المطالبات وتتسع بضرورة اقصائه وتنحيته واعفائه من جميع المسؤوليات التي يتحملها ،قبل ان يفتعل حربا مع غزة او ايران او لبنان او اية جهة اخرى للحفاظ على بقائه في السلطة .
حكمة وعقلانية وصبر جلالة الملك ،ودبلوماسيته المعروفة وصلت الى هذا الاستنتاج حول العلاقات الاردنية الاسرائيلية ،بسبب سلوك حكومة الاحتلال المنافي تماما للمباديء والقيم التي يرسو على اسسها السلام ،هذا السلوك الذي يجهض جهود ثلاثين عاما من العمل المشترك العربي والدولي من اجل الوصول الى سلام عادل وشامل يمكن ان يدوم ويستمر في المنطقة.
رسالة جلالة الملك واضحة جدا،سياسة اسرائيل يجب ان تتغير وان تلتزم بأسس ومبادئ العملية السلمية ،وان لا تراهن على تغيير سياسات وتوجهات دول المنطقة والحصول على ما تريد قبل الوصول الى السلام المنشود الذي يحقق الامن والاستقرار والازدهار ويعيد الحقوق لدول وشعوب المنطقة.
الدستور -