الأتراك في ليبيا.. الإصرار سيد الموقف
بعد الاجتماع الذي جمع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، جرى الإعلان عن توقيع مذكرتَي تفاهم حول «التعاون السياسي والأمني» و»ترسيم الحدود البحرية» بين البلدين.
هذه الخطوة تتجاوز في اهميتها العلاقة بين طرفين، بل هي اعلان جاد وحقيقي عن دخول تركيا الى الملف الليبي، للتشابك مع التنافس الاقليمي والدولي الحاصل فوق الاراضي الليبية.
لولا تركيا لسقطت حكومة السراج امام هجمات قوات حفتر، وهذا يؤكد جدية الاتراك واصرارهم على البقاء هناك، وتقديم الدعم الكافي لحكومة السراج.
وجود تركيا، واتفاقها مع حكومة السراج المعترف بها دوليا، لم يعجب داعمي حفتر «مصر وروسيا والامارات» وربما فرنسا ايضا، لكن تبدو واشنطن غير ممانعة وتراقب من كثب.
بالامس تحدث الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، عن اصرار تركيا على دعم حكومة السراج، واكد انه لو طلب منه ارسال قوات سيفعل.
هذه الرسائل والاجراءات تؤكد ان تركيا غير مترددة وعازمة، وانها حسمت امرها بشأن دعم حكومة السراج وعدم السماح بانكساره عسكريا، كما انها مصرة على اعادة التوازن لاستكشافات الطاقة في المتوسط.
هناك عربدة وتعد على الحقوق الليبية في المتوسط، والاتفاق أعاد التوازن للمسألة، وهذا يفسر غضب اليونان الراغبة في التهام الحقوق الليبية.
ايضا دخول المرتزقة الروس على خط القتال الى جانب قوات حفتر، مع تعثر الدور الالماني في عقد مؤتمر متعلق بليبيا، كل ذلك يحتاج لوجبات تركية امنية وعسكرية اثقل لمنع انهزام حكومة السراج الشرعية.
التنافس الإقليمي الذي يختلط فيه الجيوسياسي بالجيواقتصادي، ويستند أساساً إلى عدم التفاهم بين الدول المطلة على البحر المتوسط على تقسيم مناطق النفوذ البحري، كان قد انتقل إلى مرحلة جديدة من خلال تشكيل منتدى غاز شرق المتوسط في القاهرة في شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
وقد استثنى المنتدى المذكور الذي جاء كنتيجة لتعزيز التعاون بين كل من إسرائيل ومصر واليونان وإدارة جنوب قبرص، كلاً من تركيا وليبيا فضلاً عن لبنان وسوريا.
كل ذلك جعل تركيا وليبيا تسارع الى عقد التفاقية البحرية، وهذا يفسر الخطاب الواضح والمتشدد للرئيس التركي، فالاصرار سيد الموقف ولن تتراجع انقرة عن ذلك.
السبيل - الثلاثاء 10/ديسمبر/2019