بين يدي مناقشات الموازنة.. تعديل الحد الأدنى للأجور
لم يعد مقبولا بقاء الحد الأدنى للاجور كما هو الآن 220 دينارا، وخاصة في ظل متوالية الأسعار التي تؤثر على الطبقة الفقيرة في المقام الاول، ولأن الحكومة أقدمت على زيادة رواتب القطاع العام، فإن اللجنة الثلاثية المعنية بالنظر في قيمة الحد الأدنى للأجر بات من الواجب عليها التفكير بشكل جدي بإعادة النظر بالحد الأدنى للأجر .
النواب بدورهم التقطوا قضية الحد الأدنى للاجور وتلمسوا ان استقرار الرقم من سنوات من شأنه ان يزيد من حد الفقر، ويرفع نسب العائلات المحتاجة التي قيض لها ان تعيش بمثل هكذا راتب، ويعرفون يقينا ان الحد الأدنى في الوقت الحاضر لا يكفي لأكثر من بضعة ايام.
ولهذا فإن النواب عليهم قبل ايام من مناقشتهم للموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2020 ،عليهم الضغط على الحكومة بقوة لجهة دعوة اللجنة الثلاثية والتي يناط بها وحدها تحديد الحد الادنى للأجر وفق ما نص عليه قانون العمل للاجتماع واعادة النظر في حد الأجر، والحكومة التي من المؤكد أنها تلمست ان النواب سيضغطون في هذا الجانب، ولذا عليها ان تكون جاهزة لمثل تلك المطالبات المحقة، وان تعرف ان الامر في هذا الموضوع سيصل بالنواب لاشتراط رفع الاجر قبل الموافقة على الموازنة.
نعرف ان اعادة النظر بالحد الأدنى للأجر بحاجة لموافقة جميع اطراف معادلة الانتاج (الحكومة، العمال واصحاب العمل)، والموافقة على رفع الاجور بحاجة لتأييد جميع الاطراف بمعنى ان تحفظ اي طرف سيضع العصي في دولاب اي قرار، ولن يكون بمقدور اللجنة الثلاثية اتخاذ القرار، وهذا يعني ان على الحكومة قبل الدخول في معمعة مناقشات الموازنة فتح حوار مع جميع اطراف الانتاج وخاصة اصحاب العمل.
المقصود مما سبق ان اصحاب العمل الذين يعانون بدورهم من صعوبات تصديرية ومشاكل إنتاجية متعددة قد يتحفظون على الدخول بأي حوار حول موضوع سيعود عليهم بكلف مالية جديدة، وبالتالي فالحكومة عليها لعب دور الوسيط لإقناع اصحاب العمل بضرورة رفع الحد الأدنى للأجر، ولا ضير ان تقدم الحكومة لأصحاب العمل خطوات تشجيعية في هذا الصدد من بينها اعادة النظر ببعض الضرائب المفروضة على الصناعات وغيرها من حوافز تشجيعية.
نتعاطف بكل يقين مع المشاكل التي تعاني منها قطاعات انتاجية كثيرة، ونعرف يقينا ان الظروف المحيطة اثرت عليها، ولكن في الوقت عينه فإن على الجميع أن يعرف ان بقاء الحد الادنى للأجر كما هو اليوم ظلم للطبقة الفقيرة والعمال، وهو الامر الذي يتوجب أخذه بعين الاعتبار من جميع اطراف المعادلة.
لا يعني وجود مشاكل مادية وتصديرية لقطاعات صناعية وتجارية وخدمية غض النظر عن رفع الحد للأجور، وإنما هو تأشير للواجب الذي يتعين على الحكومة القيام به مع اصحاب العمل للوصول إلى صيغة توافقية حول الموضوع قبل فتح باب الحوار حول اي صيغة لرفع حد الأجر، ومن المؤكد ان النواب يعرفون ذلك ويعلمون يقينا ان الموضوع ليس بحاجة للانتظار، وإنما عليهم حث الحكومة على فتح حوار مع اصحاب العمل والذهاب لقبة البرلمان برؤية واضحة وخبر يقين، لاسيما وان الحد الأدنى للأجر بات لا يلبي طموح احد.
الأنكى وما يزيد الطين بلة ان مؤسسات وشركات لا تمنح العمال حتى قيمة الحد الأدنى للأجر، وابرز تلك الجهات هي بعض المدارس الخاصة الصغيرة، وقطاع السكرتيرات وغيرها من قطاعات فردية خدمية، وهو امر يدفع بالاضافة الى رفع الحد للاجر لمطالبة وزارة العمل لتكثيف الحملات على تلك القطاعات والتأكد من التزامها بالحد الادنى المنصوص عليه.
الغد - الثلاثاء 17-12-2019