تبكي الطيور
امس الاول
رحت اسحب راتبي من البنك .
طبعا كانت أزمة غير عادية.كان رقمي 197.
والناس ... اشكال والوان واقفين وقاعدين وبرّة البنك طابور طويل.
تمترست في مكاني .. وقلت بكرة عطلة ولازم وينبغي أن استلم (هالقرشين ) عشان الويك اند» والعيال .
وحظي لما وصلني الدور.. انفجرت الموظفة التي تصرف النقود بالبكاء وغادرت الكاونتر وراح زملاؤها و زميلاتها يواسونها ويعرفوا مالها؟
تكهرب الجوّ.. وقلت « شو هالحظّ.. لما وصلني الدور حصلت الكارثة والصبية ام عنين حلوين صارت تبكي ؟
رجل عجوز.. صاح « يا عمي خلصونا.. هسّة وقت العياط «.
طبعا.. انسحبت من لساني وقلت له: يا حج وحّد الله
البنت بتعيط ما حدا بيعرف مالها . اكيد عندها مشكلة. راعِ شعورها والدنيا مش طايرة.
انتقلت المشكلة للرجل وصار الموضوع كيف يسكتوه.استثمرت قولي لاستلام نقدي وتركتُ اذنيّ الأقطان صوت بكاء الصبيّة اللي قطّعت قلبي وانا مش عارف مالها.
لأنها من المرات النادرة التي يختلط فيها الخاص بالعام في البنوك. وعادة ما يُمنع العاملون بالبنوك من الرد على المكالمات الخاصة.
كانت الفتاة تبكي بحُرقة.. ويعلو صوتها تارة ويخفض تارة.
الجالسون او « العُملاء « ينتظرون دورهم لاستلام رواتبهم .. ومنهم من اخذ « ساعة اجازة « من الدوام .. فقط من اجل استلام الراتب.
جاءت زميلة الفتاة وبادرت لتجهيز معاملتي.
كان بودي أن اسألها عن حال زميلتها.لكنني خشيت من ردّة فعلها.وانا أخشى من « مفاجآت النساء «.. فأحيانا لا تسرّ.
اخذتّ اتمتم واحوقل ومسحتُ عينيّ كتعبير عن المشاركة الوجدانية.
اخذت « القرشين « وانسحبت بهدوء.
وفي الباص..» الكوستر «
كنت اول الرّكاب.
وتدفق الموظفون والموظفات والطلبة واحتلوا المقاعد الفارغة.
نزل السائق وترك جهاز المسجّل يردد اغنية وائل كفوري « تبكي الطيور «.
كان الصوت مرتفعا ومزعجا.
شعرتُ ان هناك من انزعج من ضجيج الاغنية.
مددتُ يدي واخفضتُ صوت المسجّل وقلت :
احنا ناقصينك يا وائل ؟
قال:
تبكي الطيور ..
لازم
يبكي الموظفون !!
الدستور -