"قصائد حب باتجاه البحر"

المدينة نيوز - "قصائد حب باتجاه البحر" رحلة شعرية على ضفاف مجموعة مختارة من قصائد ثلاثة شعراء هم: اليونانيان أوديسيوس إليتس وجورج سيفرس والأميركي كركوري كورسو، جمعها الكاتب والأديب العراقي البارز علاء اللامي.
يقول اللامي في مقدمته للطبعة الثانية لـ"قصائد حب باتجاه البحر"، الصادرة عن "دار e-kutub " للنشر الالكتروني، "لقد بدأتُ بترجمة هذه المنتخبات حين كنت أعمل في الصحراء الجزائرية مدرسا في بداية الثمانينات من القرن الماضي. وكنت أزجي الوقت بترجمتها في عزلتي الحميمة تلك، على مهل، ودونما أي غرض غير الاستمتاع الشخصي وتطوير لغتي الإنكليزية البسيطة، ولم يكن قد خطر ببالي آنذاك أنها سترى النور وتنشر لاحقا في كتاب.
وبمرور الوقت وتعمق استمتاعي بتلك التجربة تراكم في حوزتي عدد كبير نسبيا من تلك القصائد، وحين انتقلت من الصحراء الجزائرية إلى مستقري الجديد قريبا من جبال الألب السويسرية، وبدأت نشاطي التأليفي قررت وبتشجيع من أصدقاء، رأوا في هذه النصوص الشعرية المترجمة شيئا من بريق الشعر ومياهه الحية، أن أمنحها فرصة أن ترى النور. وهكذا كان.. فصدرت طبعتها الأولى سنة 1999".
ويضيف اللامي "ها قد مرَّ عقد من السنوات، وعنَّ لي أن أصدر منها طبعة جديدة مضيفا لها ما ترجمته فيما بعد للشاعر الأمريكي گريگوري كورسو بمناسبة وفاته في السابع عشر من كانون الثاني 2001، مع كلمة وداع له نشرت في حينه في الصحافة العربية، مصححا بعض الهفوات هنا وهناك، فكانت هذه الطبعة المزيدة والمنقَّحَة والتي قد يكون عدد صفحاتها قد زاد كثيرا عن الطبعة المحدودة السابقة بمقدار الثلث أو يكاد.. وإنها لطبعةٌ مُرَحِّبَةٌ بامتنان بأية ملاحظات، استدراكات، مقترحات أو تصحيحات من القارئات والقراء الكرام على عنوان دار النشر.
وكتب د.أحمد رفيق عوض معلقا على المختارات بالقول: لقجد تعمدت القصائد المترجمة للشعراء الثلاثة بماء البحر باعتباره أصل الحياة والحب، ووجهها الأكمل والأنصع والأروع، البحر بما يمثل من تحد دائم وإثارة دائمة، كالمرآة تماما"، وينقل عن الشاعر إليتس قوله:
لكِ طعمُ العاصفةِ
في شفتيك
ولكنْ أينَ كنتِ تهيمينَ
طوالَ الليل
في حلمِ يقظةِ الحصى
والبحرُ الثقيلُ
نسرٌ يحملُ ريحا
قدْ عرى التلال
عرى شوقَكِ حتى العظم
ويضيف عوض القول: "للحقيقة، فإن أعمال الشعراء الثلاثة المترجمة بانتقاء أنيق تفاجئنا حقا، ففي هذه القصائد جميعا، قوة الكلام وقوة الصورة، وبلاغة الشعر عندما يكتب من منطقة أخرى، وخيال آخر، وثقافة مختلفة، عندما يكون البحر قريبا وملامسا، والأسطورة جاهزة، والقيود قليلة".
ويقول عوض: للشعر نكهة أخرى عندما نسمعه من أمم أخرى، ونكتشف ان الخيال وقوته وجمال التعبير ونصاعته، هي شيء مشترك لكل شاعر حقيقي ينحاز للحياة والإنسان.
أما المفاجأة على المستوى الشخصي على الأقل فهي قصائد الشاعر الأمريكي گريگوري كورسو، إذ يقدم هذا الشاعر صورة أخرى للولايات المتحدة الأمريكية، صورة غير صورة الاستعمار والظلم والاعتداء، وتشكل قصائد هذا الشاعر إدانة لمنظومة القيم التي صورتها وسائل إعلام بلاده يقول كورسو:
كانوا جميعا حزانى
حزانى جدا، لأن الحياةَ ناقصةٌ
كانوا حزانى بشكلٍّ مرضي
وكانتِ المخدراتُ
هي الممرضةُ القذرة.
ويلتفت كورسو إلى ملابس السيدات العربيات الضافية في المغرب فيقول:
غباءٌ أن يقالَ إنهن نكرت
وإنَّ البكيني هو الحريةُ
وإنَّ هوليود هي شاطئُ الفردوس.
الوجوهُ والأجسادُ ليستْ خالدةً
وبالكساءِ
تضفي شرفاً على موتها.
ويختم عوض بالقول إن: قصائد الشعراء الثلاثة مجبولة بالحب، مندغمة بأمكنتها التي تحمل روحها، مضمخة بصراحة القول والموقف، وتصل إلى المتلقي من خلال ذبذبة شعرية عالية، وبالنسبة إليَّ كقارئ عربي فإنني أعترف تماما بقوتها وجمالها وصدقها ورؤيتها الكبيرة وللمترجم الأستاذ علاء اللامي كل الشكر لاختياره الموفق وترجمته الأنيقة السلسة وشروحاته التي أضاءت غوامض النص وللخلفية التي رسمها لكل شاعر من الشعراء الثلاثة.