”موسيقى الشوارع“.. لحن الفقراء الذي يرسم الفرح بعيدًا عن القاعات المغلقة
المدينة نيوز: ”موسيقى الشوارع“ ظاهرة قديمة، ونوع من ”فن الهواة“ لا يتقيد بالمكان أو الزمان ولا يخضع لقوانين النشاط الثقافي التقليدي.
وتتميز ”موسيقى الشوارع“ عن غيرها بالأسلوب البسيط والعفوي وتسمح بالتواصل المباشر مع الجمهور.
وتعود بدايات انتشار هذه الظاهرة الفنية في أوروبا إلى مطلع القرن الماضي، أما ظهورها الأول عربيًا فكان في الجزائر قبل استقلاله عن فرنسا.
ورغم مرور عقود إلا أن التجربة العربية ما زالت خجولة ومتعثرة.. فوصم هذا اللون من الفن بـ“موسيقى الفقراء“ والملاحقات الأمنية أحيانًا بحجة عدم وجود ترخيص مثلًا، جعلت موسيقيّي الشوارع يعزفون مبكرًا عن هذا الفن.
لكنّ الشغف الذي يسكن هؤلاء جعلهم يتحدّون الظروف، ويشجعهم في ذلك النجاح في استقطاب الجماهير الحاشدة ما ولَّد خشية لدى بعض الجهات الرسمية؛ فكلمات الأغاني التي تعكس الواقع المتعب حولتها رمزًا للتمرد.
والسلطة لا ترقص فرحًا على أنغام موسيقى الشارع، بل تراها مظهرًا مزعجًا على عكس الموسيقيين الذين حوَّلوها إلى ملجأ للشبان من الانحراف نحو عوالم الإجرام.
ويُشبع الغناء في الشارع رغبة خاصة لدى بعض هؤلاء الموسيقيّين، فهو مسرح واسع لمواهبهم، وفضاء للتحرر من القاعات المغلقة.
بينما يعتبر آخرون الشارع مكانًا مناسبًا لكسب العيش، وفي نفس الوقت ردة فعل على واقع سياسي أو اقتصادي يفقدون المنبر المناسب للتعبير عنها.
وكسر النمط عند هؤلاء الموسيقيّين يظهر جليًا في اعتماد آلات عزفهم الخاصة، فهنا في مصر تبدع فرقة المصنع بعزفها على ”الجرادل“ وحتى على ”العلب الفارغة“.
ويجتمع أغلب هواة موسيقى الشارع من العرب في مهرجان البولفار المغربي، وهو أهم التظاهرات التي تعنى بهذا اللون.
ورغم أن هذا الفن يحمل السعادة والترفيه للناس ويعطي للمكان نكهة خاصة، ويعد بديلًا عن الحفلات المكلفة، إلا أن هنالك مفارقة واضحة يلمسها موسيقيو الشوارع العربية، فهوايتهُم هذه تُدرُّ على أقرانهم في أوروبا دخلًا جيدًا فيما يُلقي الجمهور العربي نقودًا قليلة لا تُسمن ولا تغني من جوع.
و“موسيقى الشوارع“ مصطلح قديم طورت بعض دول العالم كالدانمارك، واليابان، وأمريكا، مفهومه، بحيث استنطقت الشوارعَ موسيقى تعزفها عجلات السيارات بنوتات مميزة عند التزامها بسرعات محددة.
ويعد هذا اللون الموسيقي، تجربة مميزة تُظهر تقديرًا كبيرًا للفن والموسيقى في أنحاء العالم وتسمح للمسافرين بعيش أجواء ممتعة تجعلنا نتساءل: متى يمكن أن نعيشها واقعًا في عالمنا العربي؟