شحادة أبو بقر يكتب :- هل الأردن دول خليجية

المدينة نيوز- قبل أكثر من عشرة أعوام طرحت في محاولة مقال ذات السؤال "هل الأردن دولة خليجية "؟ وضمنت السؤال إجابة أجد اليوم أن الظروف الراهنة ربما تثبت وجاهة المنطق فيها!.
لا تملك الدول الصغيرة في عالم اليوم ترف الاستغناء عن حليف قوي يسندها عند الأزمات وقوة تستند إليها عبر التعاون الثنائي المتبادل لإدامة حالة التنمية والتقدم الطبيعي في مسارها... والأردن ليس استثناءً أبداً في هذا الإطار، فهو بأمس الحاجة إلى الانخراط في تحالف سياسي إقليمي يوفر له أكبر قدر من الطمأنينة إلى الحاضر والمستقبل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفي مختلف الميادين!.
ليس سراً أن الأردن واحد من بين عشرات أو حتى مئات الدول التي تقيم تعاوناً مع الدولة الأكبر على الكوكب "الولايات المتحدة الأميركية " وصحيح أن الأردن يتلقى منها مساعدات مادية وعينية سنوياً وفق هذا التعاون، لكن الأردن في الحالة الأميركية واحد من عشرات أو مئات الدول التي تقيم مثل هذا التعاون الخاص، وهذا يفقده ميزة
"الأول في قرية ولا الثاني في روما "، وهي ميزة يحتاجها الأردن بوضوح خاصة ونحن نشهد مدى التحولات الكبرى التي يشهدها الإقليم والعالم من حولنا!، وهي تحولات لا شك تشكل مصدر تهديد صريح لسائر الكيانات الصغيرة وبالذات تلك المثقلة بالمديونية ومشكلات الفقر والبطالة والتراجع الاقتصادي!.
كنت أميل سابقاً لفرضية أن يتحول الأردن بزخم أكبر نحو المملكة المتحدة "بريطانيا "، باعتبارها الحليف القوي القديم وأحد أكبر الدول التي أسهمت وبقوة في مجمل الترتيبات الإقليمية التي على أساسها قامت إسرائيل "وعد بلفور " , وما يشكله ذلك حتى الآن من تهديد مباشر للأردن وسواه من دول المنطقة، وكنت أرى في مثل هذا التحول نحو " لندن " كحليف قوي قادر على حماية الأردن من المطامع الخارجية، سبباً مباشراً لاستفادة الأردن من تلك الميزة التي أشرت إليها آنفاً، فهو سيكون في هذه الحالة في موقع "الأول في قرية لا الثاني في روما " وفي ذلك أفضلية وميزة ليس على
مستوى الدول وحسب، وإنما حتى على مستوى رئيس بلدية، فالأفضل أن تكون رئيس بلدية في قرية لا أن تكون الرجل الثاني في أمانة عاصمة تلك الدولة!.
اليوم تتجلى الحقيقة القديمة الجديدة وفحواها أننا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، نواجه خطراً مشتركاً وتهديدات إقليمية من نوع واحد مهما اختلفت مصادرها، وذلك واقع يدعونا بالضرورة إلى التفكير الجاد في جدوى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، باعتبار أن ذلك ينطوي على فائدة مشتركة لنا جميعاً في منظومة إقليمية محترمة كهذه المنظمة، فنحن جميعاً عرب، وراس مال الأردن طاقاته البشرية القادرة على المساهمة في إدامة وهج التنمية في دول الخليج، ولدى تلك الدول الشقيقة مجالات عمل واسعة ورأس مال يعد الأكبر على البسيطة، ونحن معاً قادرون
على حماية وجودنا المشترك والوقوف في مواجهة أية تهديدات خارجية، ونحن معاً كذلك نشكل نواة كبرى وقوية لمنظومة عربية تعاونية كبرى في المستقبل وبصورة تحقق طموح العرب نحو الوحدة، فضلاً عن حالة التماثل الطبيعي بين الأردن وسائر دول الخليج العربي من حيث طبيعة النظم السياسية الحاكمة وكذلك طبيعة المنهجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب أن الأردن ليس بعيداً عن الإطلالة على الخليج فهو امتداد جغرافي طبيعي للسعودية وللكويت وغيرهما!.
أعرف أن لهذا الأمر من يعارضه لأسباب غير موضوعية، لكنها تبقى أسباباً غير موضوعية وتحتاج إلى التفسير، ومن هُنا فإن دوائر الفكر الوطني الاستراتيجي وحلقات صنع القرار مدعوة اليوم وقبل الغد للتفكير الجاد في جدوى التقدم بطلب انضمام إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي المحترمة، ففي ذلك مكاسب إستراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى.