الفكر الواضح والفكر المضلل!!
كثير من المسؤولين من مختلف مواقع عملهم ومن خلال مؤتمراتهم الصحفية وتصريحاتهم يطرحون افكاراً وقرارات وتوجهات بطريقة يشوبها الغموض والابهام، لتبقى معاني كلماتهم في دائرة الاحتمالات المتعددة والتفسيرات المتناقضة.
وهذا يجعل الناس في حالة توهان، لتثور الانتقادات وتشتغل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات ومناكفات لتواجه العديد من التحديات، الا يستطيع هؤلاء جعل الافكار وكل ما يريدون طرحه اكثر وضوحاً، ام ان اللغات مصابة بالقصور الذاتي صياغة وتعبيراً، وعلى مستوى نظم الفهم والتفسير والتأويل.
فالحقيقة ذات طبقات عدة تحتاج كل طبقة الى تحليل وتفسير حتى نفهمها وندركها ومواقع التواصل الاجتماعي تنشر الاخبار بسطحية ورؤى ومفاهيم مختلفة لا يعرفون ابعادها ففاقد الشيء لا يعطيه.
فهل نفسر الطرح المضلل هو هروب من الوضوح ام عجز لغوي، فالعاطفة شيء والعقل شيء آخر، وتنظيم الرؤية الواضحة حل لأزمة، ولا فكر من غير انتاج فكري من أجل الارتقاء بمستوى الطرح.
وعلى سبيل المثال عدم عمل المرأة ليلاً يأخذ هذا الطرح ابعاداً كثيرة فهناك طبيبات ولادة وهناك ممرضات في المستشفيات، وهناك في السلك الشرطي عاملات وحارسات كذلك فيما يتعلق بارتفاع فاتورة الكهرباء وما اثير عليها من جدال واسع لم يقنع المواطنين بحقيقة الأمر ولم يكن المبرر الرسمي مقنع ايضاً لنبقى ندور في حلقة مبهمة.
فأي طرح ان لم يكن مدروساً ومحدداً بنقاط والاسباب التي ادت لمثل هذا الطرح وابعاده، فسنبقى في متاهات المساءلة القانونية، وهل العاملات في الاندية الليلية والفنادق مشمولات بهذا الطرح ام لا ولماذا.
كذلك تحديد الحد الادنى للاجور فطبيعة العمل النهاري له متطلبات، وطبيعة العمل الليلي له طبيعة اخرى حسب الفترة الزمنية للعمل، فعاملو توصيل الوجبات الغذائية الجاهزة نهاراً له متطلباته وليلاً له خصوصيته، والفرق بساعات العمل المتواصلة والاعتماد على المكافآت من اصحاب الطلبيات، كذلك عاملو المطابع وهكذا.
كذلك الامر عندما يتم طرح الكثير من المواضيع والقرارات المتعلقة بالحزم التحفيزية للاستثمار، او المتعلقة بالكثير من القضايا العملية، وطريقة واسلوب الاحالات على التقاعد لمن بلغ سن التقاعد، وطرق واساليب ومدى الحاجة لعودتهم، ان كان هناك من هو اجدر واقدر على القيام بعملهم بكل كفاءة واقتدار، فبيان الاسباب يوضح الامور، وعقود شراء الخدمات مفتوحة دون قيد او شرط واذا كان هناك استثناءات فيجب تحديد اسسها بكل وضوح.
ان وضوح الافكار والقرارات تشكل اساساً سليماً للانطلاق في مسار النهضة والشفافية، ومن غير ذلك قد نفقد بوصلة الاتجاه ونتشتت ونخلق صدامات لا داعي لها.
الدستور