شحادة أبو بقر يكتب :- إلى " الأخوان المسلمين " الأجلاء.. رأي!

تم نشره الخميس 14 نيسان / أبريل 2011 03:11 مساءً
شحادة أبو بقر يكتب :- إلى " الأخوان المسلمين " الأجلاء.. رأي!

المدينة نيوز - الى " الأخوان المسلمين " الأجلاء .. رأي! شحادة أبو بقر

لا أتحدث عن حزب جبهة العمل الاسلامي المحترم، وإنما عن "جماعة الأخوان المسلمين " المحترمة، فأنا أدرك أن الحزب مجرد واجهة سياسية للجماعة أملتها الظروف السائدة في المنطقة والعالم!.

ابتداءً لا بد ان أؤكد صادقاً بإذن الله، أن "الجماعة " هي الإطار الجماعي الأقرب إلى تفكيري واحترامي، إذ هي وهذا هو الأصل، نخبة من رجال الأردن ونسائه الذين يأخذون على عاتقهم مهمة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس لهم من هدف آخر منذ ايام الشيخ المرحوم حسن البنا ، غير هذا الهدف السامي النبيل الذي يفترض أن يشيع الخير بديلاً للفاحشة، والأمن بديلاً للفوضى، وإعمار الأرض بديلاً عن خرابها، والتوجه إلى الله جلّ في علاه في كل حراك الفرد وسكناته منذ مولده وإلى يومٍ يودع فيه الدنيا ملتحقاً بالرفيق الأعلى سبحانه!.

وثانياً فلست بحاجة انا او غيري للتذكير بحقيقة تفرد الجماعة دون سائر القوى السياسية التي نشأت في الأرض الأردنية منذ تأسيس الدولة وإلى يومنا هذا، بالانحياز الايجابي الكامل إلى الوطن، ليس من باب التعصب او ضيق الأفق "لا قدر الله "، وإنما انسجاماً مع حقائق الحق وأصول الدين التي لا تبيح للأخ المسلم التحالف مع أي فكر سياسي آخر لا مكان في أدبياته، ومبادئه، لأدبيات ومبادئ "الجماعة " من حيث المبدأ والمبتدأ والمضمون، وهنا ومع بالغ الاحترام لسائر القوى السياسية العاملة على الأرض الأردنية ولحقها المشروع إنسانيا في حرية الرأي والفكر والممارسة، فإنني استذكر ومن باب الاستذكار فقط استغراب الراحل الملك الحسين رحمه الله خلال التسعينيات من القرن الماضي، لتلاقي الإسلاميين مع القوى السياسية الاخرى من اليساريين المحترمين وسواهم، وهو استغراب له ما يبرره من وجهة نظر الملك الذي تساءل كيف يلتقي الاضداد في المبدأ الرئيس الأعم ابتداءً، أملاً في تحقيق هدف مختلف تماماً بالضرورة.

ظلت "جماعة الأخوان المسلمين " وما زالت "إن شاء الله " إلى جانب المنظومة العشائرية القوية، هي القوة الهائلة والمهيبة لحماية الدولة ونظامها السياسي ومنجزاتها ومكتسباتها مسنودة بجيش عربي أردني باسل وقوى أمنية واعية، وبذلك نجا الأردن الذي نستظل اليوم جميعاً بعد ظل الله ظله، وبرغم جسامة حجم النكبات والحروب وقلة الموارد وضيق ذات اليد وبشاعة الأطماع والتحديات00 وعاش الأردنيون جميعاً ومن كل المشارب والأطياف حياة محترمة عنوانها "العفة " في كل القول والعمل، والكرامة في سائر تجلياتها، وظل الأردن ويبقى بعون الله، ستراً وظلاً وخيراً وبركة لسائر أهله ليس بينهم شرقي ولا غربي أبداً، وإنما عائلة واحدة متماسكة لا ينفذ الخراب إلى صفوفها، وبذلك انتصر الأردن على كل صعب وذلل وبقوة كل خطب، وحقق ما يشبه المعجزة!.

تطورت الظروف، وتغيرت أحوال العالم كله تبعا لسنن التطور، وحافظ "الأخوان المسلمون " على الصورة المشرقة واستمرت علاقاتهم الوجدانية الراسخة بالدولة وبنظامها السياسي وعلى رأسه الملك، ثم انتقلنا مطلع التسعينيات إلى ما يطلق عليه وصف "المجتمع المدني "، وأسس الأخوان حزباً، وهنا أسأل ومن باب "الجهل " بالجواب000 هل تأسيس حزب سياسي كهذا جائز شرعاً وفق أصول الدين؟، 00 لا علينا 00 فأنا اعتقد أن انتقالنا من حالة المجتمع المحافظ الذي يغلب عليه طابع "العائلة " أو طابع الحالة الرعوية كما يقول بعضنا، كان انتقالاً مفاجئاً وشكل قفزة كبرى في فضاء واسع، فقد اعتمدنا الديمقراطية الكاملة قبل أن نتعلم أصولها أو أن نتثقف بثقافتها، وكان حالنا وربما ما زال، كحال من منح العائلة بكل أفرادها "إجازة سوق مركبات " دون أن تتعلم أصول القيادة ابتداءً، او كمن أهدى سلاحاً لمن لم يتقن بعد أصول استخدامه، والنتائج بالطبع لا تغيب عن بال أحد بالضرورة!.

وأزيد على هذا، فلقد "أخذتنا العزة " بالإثم ربما، وتحت وطأة التلهف لما نسميه "ديمقراطية " وهي الأقرب إلى الفوضى في حالة دول العالم الثالث، فقد عملنا وبسرعة غير محسوبة على الانتقال إلى ما نسميه المجتمع المدني ولكن بأسلوب غير واثق، وعلى نحو خالطه كذلك اخطاء جسيمة، فلقد تركنا واقعاً اجتماعياً سياسياً كان الأخوان والعشائر هم عنوانه الاجتماعي سياسياً، وتوجهنا صوب المجتمع القائم على أساس "التعددية السياسية "، لكننا لم نكمل المسير، وصار حالنا كمن غادر حدود بلده ودخل "المنطقة الحرام " بين حدود بلده وحدود البلد المنشود، ولم يتقدم إلى الأمام وبقي متسمراً في مكانه، وهو بهذا يتموضع في حالة لم يغادر فيها مكانه الأول رسمياً، ولم يدخل إلى المكان الجديد الآخر رسمياً، واستمر قابعاً في الموضع الحرام او المنطقة الحرام، وفي العرف الرسمي لدول اليوم،هي منطقة خلاء قانونياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً000 الخ، وليست لها صفة بل هي ارض موات خارج نطاق القول او العمل او أي حراك إنساني يُذكر!.

هذا الحال انسحب على سائر المنظمات السياسية المدنية الأردنية وبضمنها جماعة الأخوان المسلمين، فهم في حالة تنازع بين الحزب والجماعة، حيث لكل هيكل منهما أطره القيادية والكوادرية والمنظرة، وما ينطبق عليهم ينطبق حتماً على سائر الأحزاب التقليدية القديمة والناشئة، وهذه الأخيرة ما زال بعضها يعتمد نظام "الفزعة "، ولست أعرف أن لبعضها فكراً نابتاً يلتقي حوله الناس سوى منهجية "الفزعة "، وليعذرني الأخوة والأخوات القائمون عليها إن كان في ذلك تجنِ من وجهة نظرهم!.

حال "الأخوان " اليوم لا يبعث على الارتياح، فالأصل أن الناس كل الناس، تهوي قلوبها إلى ما يفعلون من منطلق الدين وما يقدمون من "قدوة حسنة "، وتلك هي قاعدة وجودهم أصلاً "الدعوة بالحكمة وتقديم القدوة الحسنة "، لكنهم يبدون متسرعين جداً بفعل اندفاعة نفر منهم يريدون قيادة ركب المعارضة، أو هكذا يريد بعضهم، مهما كان الثمن، وهنا مربط الفرس ونقطة التوقف التي يجب أن تناقش بينهم هم لا خارج أُطرهم، وإلا فإنني أتنبأ وأرجو أن لا أكون محقاً، بأن الجماعة بانتظار مستقبل ذاتي غير مريح، خاصة وقد بدأنا نسمع "الفاظاً " غير مقبولة تصدر عن بعض قادتها بالاتهام والشتم المبطن وما إلى ذلك من ممارسات تنسب إلى هؤلاء، وفيها مخالفة شرعية كاملة لمنهج المسلم الحق، والمؤمن والمسلم ليس شتاماً ولا سباباً ولا عنصرياً أبداً، وإلا فهو أمرٌ آخر غير الإسلام العظيم.

أكثر من هذا بكثير، فأنا وقد استمعت باهتمام إلى أحد رموزهم الأجلاء، أقف حائراً أمام ما يشاع عن ممارسة بغيضة تنتصر لهذه الفئة او تلك داخل صفوف الحزب أو الجماعة، وهنا أذهب إلى القول مباشرة بأن الله جل في علاه لم يخلق "أوطاناً " قط، وإنما خلق الناس شعوباً وقبائل لهدف عظيم راقٍ ومطلوب، وهو التعارف ليس إلا، فقد خلق البارئ سبحانه هذا الكوكب كي نعمره ابتغاء مرضاة الله سبحانه، أخوة متحابين بغض النظر عن كل أمر آخر "إنما المؤمنون أخوة "، هذا هو كلام الله جلت قدرته لا كلام بشر مهما علا شأنه، وللأخوة أصولها، ومن هنا أخذت الجماعة اسمها ابتداء "الأخوة المسلمون "! فكيف يمكن ان يكون جهوياً أو اقليمياً او عنصرياً من يتخلق بخلق الدين وقدوته محمد صلوات الله وسلامه عليه!.

وبعد:
انصح "الأخوان المسلمين الأجلاء " بالتخلي عن الحزب، والعودة إلى "الجماعة " بكل ما فيها من عظمة السلوك والعمل، وليس في دستورها ما يمنعهم من ممارسة السياسة، فقد ترشحوا عام 1989 على أساس إطار الجماعة ونجحوا بامتياز، ولكنني اعتقد اليوم ان مستقبلهم السياسي الراشد لن يكون كذلك، إذا ما استمر حالهم على ما هو عليه، وانصحهم اميناً بإذن الله، بالابتعاد عن كل التحالفات إلا مع من يؤمن بما يؤمنون من خلق الله، فالحزبية وتحالفاتها تنطوي على إخلال مطلق في صورة الجماعة الجليلة، ولا بد للجماعة أن تبقى وكما كانت عبر تاريخ المملكة الهيئة الأبرز في صون الأمن وتجسيد الوحدة بين المؤمنين بالله من سائر أبناء البلد الواحد وبناته، وإلا فهي تفقد "لا قدر الله " الهدف الجليل العظيم الذي نشأت أصلاً من أجله.

وبعد أيضاً:
افترض ان منهج الجماعة المحترمة اليوم، لا يختلف أبداً عن منهجها بالأمس، إلا إذا كان هناك من يريد الانزلاق بها نحو مهاوي الخروج عن الثوابت على عظمتها، وهو بذلك يلبس لبوس الجماعة ظلماً بحثاً عن مآرب أخرى، وليس سراً أن هناك حراكاً يظهر للعلن في هذا الاتجاه، ويجد في المقابل من يناوئه، وتلك هي الفتنة التي لن تبقى ولن تذر، لعن الله موقظها أياً كان !، وأنصح صادقا وبكل التجرد بعون الله، كل الشيوخ الاجلاء الهادئين والمندفعين، المصيبين والمخطئين في تقديري، بالتنبه إلى حقيقة ساطعة مؤداها، أن هذا البلد أرضاً وشعباً ونظاماً، راسخ رسوخ الجبال بعناية الله العلي العظيم، وأن هذا البلد ليس كمثله بلد على وجه البسيطة في سلمية المسيرة والمسار، وأن قيادته الهاشمية هي الأقرب في الوجدان والسلوك والقرار والتعامل إلى منهجية الجماعة التي من أولى أولوياتها كما اعتقد، تصليب العلاقة مع رأس النظام بمعزل عن كل هوىً آخر، إن هم أرادوا الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإصلاح الحال واجتثاث الفساد الذي بات يزكم الأنوف ويثير اشمئزاز كل مواطن مؤمن صادق، وإشاعة الحرية المسؤولة واحترام الكرامة والكرامات، فمن يريد الإصلاح يشارك في إنجازه ولا يكتفي فقط بالمسيرات والاعتصامات، أما من يركب رأسه وسط الطوفان الهادر، ويسهم في تأجيج النفوس المؤمنة وغير المؤمنة من حيث يدري أو لا يدري، ويتوهم أموراً ليس لها في لجة الحدث مكان، فذاك شأنه وحده، وهو يتحمل المسؤولية كاملة أمام الله أولاً، ثم في نظر العامة وبسطاء الأمة الذين يستحيل في شريعتهم وثقافتهم السائدة، أن يسمحوا للفتنة الشريرة أن تأخذ مداها لا سمح الله، أو أن يسمحوا كذلك لكائن من كان أن يفرق بين أعضاء هذا الشعب الواحد، أو أن يقتربوا من المحرم الأول في وجدانهم، باسم الحديث عن ملكية دستورية وما شابه من محاولات.

 

ذلك هو ما أردت قوله صافياً خالصاً لوجه الله بإذنه، فإن كنت قد أصبت فأجري على الله، وإن كنت قد أخطأت فحسابي عنده وحده لا عند سواه، وعذراً إن كنت قد تعرضت لمشاعر أحد بسوء مهما كان نوعه.

والله جلً علاه، هو من وراء القصد،
وهو القادر وحده على حماية بلدنا،
ومسيرتنا الإصلاحية الشاملة بعونه.

she_abubakar@yahoo.com
شحادة أبو بقر



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات