فيلم ”Blood on her name“ لماثيو بوب.. مصافحة بين الجريمة والضمير
المدينة نيوز: يثير المخرج الأمريكي ”ماثيو بوب“ جملة من القناعات حول الضمير والقانون والوازع الأخلاقي والديني، في فيلم الجريمة ”Blood on her name“ الذي تم إطلاقه في فبراير 2020.
ويُفتتح ستار الفيلم، بلهاث امرأة مقتربة من زجاج الكاميرا، من الواضح أنها تعرضت للضرب في وجهها، فأنفها ملطخ بالدماء، وملامحها مذعورة، وفي زاوية الغرفة تنتقل الكاميرا لتفصح عن رجل ممدد، يسبح في بركة من الدم، ولا يدل ذلك إلا على أنه جثة، وهنالك في المكان جريمة قتل قد وقعت.
طبشور
وينجح من البداية المخرج بوب في رسم دائرة طبشورية حول شخصية ”ليه“، المرأة المتواجدة في المكان، ويستثير فضول المشاهد، لمعرفة سر هذه الجريمة، هل كانت ”ليه“ هي القاتلة أم لا ؟ وهل كانت الجريمة دفاعًا عن النفس، أم جريمة من يتملكه الإصرار؟
ويستمر الكشف الهادئ عن أسرار عملية القتل، في أجوء تحبس الأنفاس، فتحمل ”ليه“ الجثة لتمر بها في قارب عبر بحيرة، كما لو أنها تتخلص من جنين غير شرعي، وتصل بها إلى حديقة منزل القتيل، وتترك رسالة لأهله:“مع المعذرة، إنه في السقيفة“.
لم يكن هذا الخطأ الوحيد الذي تقع فيه ”ليه“، هذا ما ستكشف عنه الأحداث فيما بعد.
فتترك المرأة المُشوشة بصمات أصابعها على جسد المقتول، ومن سوء حظها أن قلادتها تسقط مع الجثة، لتؤكد صلتها بالجريمة.
فلاش باك
وتحاول ”ليه“ أن تتستر على فعلتها، لكن ملامحها الموتورة كانت مثار شك والدها الشرطي الخارج عن القانون. وبطريقة الفلاش باك يرجع المخرج بنا لمشاهد قديمة في ذاكرة ”ليه“ تتنصت على والديها، وقد تكشف لها أن والدها قد نجح في إخفاء جثة بعد أن قتل صاحبها.
قلادة
وتتعقد الأمور بظهور زوجة القتيل ”داني“ وتجسدها ”إليزابيث روم“ في ورشة الميكانيكا الغير قانونية، حيث تعمل ”ليه“. هذا العمل المخالف لأصول القانون، ورثته ”ليه“ من زوجها المسجون بسبب ذلك، لكنها لم تتوقف عن العمل في ختم السيارات المسروقة.
وبعد تأكد ”داني“ من هوية قاتل زوجها، حيث قلادة ”ليه“ كانت سببًا لفضحها، ترسل ابن زوجها للانتقام، لكن ضمير ”ليه“ يمنعها من قتله وإخفائه، بتوصية من أبيها، الذي أراد خرق القانون مرة أخرى لحماية ابنته. هذا الضمير الذي يقول عنه شكسبير، أنه السبب في جعلنا أناس جبناء. تلك اللحظة التي يأخذنا الوازع الأخلاقي، إلى أن نصير في لحظة ما، من الداخل، بلون جليد. فعلى الرغم من أن ”المنطق يقودنا للاخطاء، إلا أن الضمير لا يفعل“.
رسالة مبللة بالماء
وبدا من سياق الأحداث قدرة المخرج بوب على صياغة ملغمة لتنقلات الأحداث، فمن الغامض الشديد، كلون داكن، يبدأ التدرج اللوني في التفتح ببطء، للكشف عن أسرار الفيلم. لكنه كان من الواضح أن شخصية ”ليه“ وجسدتها“بيثاني لند“ تحمل رسالة مبللة بالماء، وحبرها يتمدد بشكل يمنع قرائته، ومعرفة مقصوده، وقد ترك فهم مضمون الرسالة من خلال التركيز الشديد مع تلاحق الأحداث.
خبرة توزيع الإيماءات
وقد قامت ”بيثاني لند“، وبقدرة رهيبة، بتصدير كم الحزن داخلها، ندمًا على فعلتها، فلم تُصدّر للمشاهد لحظة افتعال، أو راحة، بل كانت في كل مرة تعلي صوت ملامحها كما لو أنها تصرخ. وبالرغم من أن جميع المشاهد ظهرت بشخصية المتوترة، وهذا يتطلب خبرة في توزيع، وتنويع الإيماءات، مع التدرج الدرامي، إلا أنها بسّطت ذلك كأنها تفرد أصابع يدها.
تنوع الشخصيات
وبدا سيناريو ”بوب“ و ”تومبسون“للفيلم سهلا في الحوار، لكنه يحمل جدلا فكريا حول المنطق، والرادع الأخلاقي، وحدود القانون. وظهر كم التنوع بين الشخصيات، فكانت شخصية ”ليه“ المفعمة بالضمير، في منطقة الأمومة، لكنها تفقده في قناعات أخرى، والأب الذي يمثل القانون،كان متمرسا في تخطيه دون كشف، وظهر ”ري“ ويجسده ”جيمي جونزالس“ شريكا للقاتلة في الورشة، لكنه كان دائما يخبرها بضرورة إشعار الشرطة بالجريمة.
وتكون الخاتمة الغير متوقعة، أن تدفع ”ليه“ ثمن عملها المشبوه، بنتيجة مفجعة، فبينما منعت نفسها عن تكرار جرم القتل. فالرجل المشبوه الذي رفض دفع مقابل لختم سيارته، أثار غضبها، وحين اعتدى عليها كانت ردة فعلها الأولية، ضربه بآلة حادة في رأسه. لكن، وليس كما أراد والدها، تمنعت عن قتل زوجة القتيل، وابنه، لتغلق منافذ جريمتها الأولى، فانقلب الحال، لتنجح زوجة القتيل في طعن الشرطي المشبوه، ومن ثم تطلق النار على ”ليه“ النقية، لتموت دافعة ثمن ضميرها، لربما هذا التعاطف ما أراد المخرج ملئه داخل دائرة الطبشورة.