المجلس الاقتصادي ودراسة حالة كورونا
التحدي الأردني اليوم في مواجهة أزمة كورونا يفرض على الجامعات ومراكز البحث الدخول في عمق الأزمة وتحليل نتائجها والتوصية بآليات تخفيف وطأتها على قطاعات الدولة المختلفة، وهو تحد عام لا يقف عند قطاع واحد ولا امام جهة واحدة، بل هو عام وكبير.
وهو يشمل قطاعات الطاقة والاستثمار والصناعة وسوق العمل وهي قطاعات بحاجة لدعم وسياسات تكيف جديدة وقررات مالية وتحفيز وخفض نفقات ووقف للهدر، وهذا ما كرّسه العمل المهم لتقرير المجلس الاقتصادي الاجتماعي، والذي زاد عن مئتي صفحة، وهو حصيلة عمل منهجي عن بعد، خرج بتوصيات ناصحة ومشخصة للواقع.
التقرير يحدثنا عبر صفحاته حول طبيعة الموقف العام في قطاعات محددة والتوصيات المطلوبة في كل قطاع تمّ دراسته، ومقترحات على مدى قريب ومتوسط وبعيد، وهو ما يوفر أكثر من خيار لصانع القرار. لكنه لم يغطِ قطاع الزراعة أو السياحة، مع أنه ربط بشكل كبير بين دور الصناعة والتجارة والزراعة من خلال خلق آلية لتعزيز الترابطات والعناقيد الإنتاجية وهو ما يصب ضمنا في قلب قطاع الزراعة وتعزيز خطوط إمداد الغذاء.
المقترحات في سبيل الاقتصاد والحالة العامة، تعددت، منها جهود لمنتديات وأحزاب صدّرت بيانات وتوصيات للحكومة، وهو ما ترافق مع جهد ملكي كبير للدعوة لتنشيط الاقتصاد واستعادة العمل في قطاعات مهمة.
لعلّ من أهم الأسباب التي عظمت تحدي كورونا، هو أن الوضع الاقتصادي العام كان قبيل كورونا هشّا، وان قطاع الزراعة تعرّض لمداهمات السيول، بالإضافة إلى تحطم القطاع الزراعي من سنوات وتراجعه وعدم التركيز على الصناعات الغذائية كما يجب في السنوات الأخيرة.
صحيح أن من التوصيات والمقترحات التي صدرت عن أحزاب وغرف تجارة هي عبارة عن جهد يحترم، لكن الجديد والمهم في تقري المجلس الاقتصادي، هو الإشارة للتجارب والبرتوكولات الصحية في مؤسسات نجحت في البقاء عاملة وتجنبت الإصابات بكورونا بين موظفيها.
اليوم يقدم لنا المجلس الاقتصادي والاجتماعي جهداً موثقاً بالأرقام والتقديرات، وهو ما يمهد السبيل لتوثيق الأزمة ودراسة الحالة تاريخياً بشكل عام، وفي ظل انعدام التوثيق فإن هذا التقرير الذي يوصف بأنه جهد خبراء سيكون ذات يوم وثيقة مرجعية مهمة، بالإضافة إلى أنه خارطة طريق للمقبل من الأيام.
الدستور