كورونا .. رب ضارة نافعة
الشغل الشاغل للعالم الآن - كما هو معلوم - هو هذا الفايروس الذي هو ليس مهين ، وهو ايضا لا يكاد يبين ، وقد تعددت الآراء الطبية بشأنه واستقرت بين نظريتين : العزل أو ما اصطلح عليه : " مناعة القطيع " فتم – في الاغلب – اعتماد الأول واستبعاد الثاني .
هو الخيار الذي لجأت اليه الصين ومختلف دول العالم ، ولقد بدا وكأنه الأفضل والانجع رغم ما سبق وروج له اطباء وعلماء عن ان الكورونا ليس سوى انفلونزا بسيطة سرعان ما ستختفي لمجرد ان ترتفع درجات الحرارة بعد اصابة الغالبية الساحقة ، ولكن ما يجري على الارض وما جرى في بعض مناطق استراليا الحارة وما تكشفه الأرقام تباعا يشي بأنه أخطر مما كان يعتقد .
وإذا أخذنا آخر ما يقوله العلماء فإن الوصول الى اجهزة التنفس الصناعي ، عافنا الله واياكم ، ليس بالخيار أو المآل السهل الذي ينتهي اليه مصاب الكورونا ، وذلك لأن الوصول الى هذا المستوى من الضرر يعني أن الفايروس ضرب الجهاز التنفسي ، وعليه ، فإن العلماء المعتبرين باتوا يحذرون من هذه المرحلة ويحضون على العزل ولا شيء سواه .
وإذا كانت أرقام الذين يشفون من المرض عالية ، قياسا بالمتوفين ، فإن هذا لا يعني الركون الى هذه الارقام ، إذ إن الذين يقضون نحبهم في الاغلب هم المسنون ، أو بالاحرى اولئك الذين يعانون من امراض بعينها ، خاصة تلك الفئة من الناس الذين لا يستطيع جهازهم المناعي تحمل المزيد من المقاومة جراء االامراض المزمنة المعروفة ، ولكن هؤلاء - الذين ضحت بهم المستشفيات الغربية لحساب الأقل عمرا ، باتوا بالفعل " شهداء كورونا " الحقيقيين ، لكونهم يشكلون النسبة الاغلب من عدد المتوفين الذين يؤسف عليهم جميعا بمختلف اعمارهم .
هل كان ذلك عدلا ؟
لقد ضحت الدول الغربية بمن افنوا اعمارهم في خدمة البلاد والعباد من خلال نشاطهم الاقتصادي الجمعي وخدماتهم العامة ، وتركتهم يموتون على الاسرة لأن كثيرا منها منحت من هم دون سن الـ 65 " أيطاليا مثلا " افضلية للحصول على جهاز التنفس ، وهكذا يكون الاوروبيون وغيرهم ردوا الجميل لآبائهم واجدادهم بالنكران والخذلان وقلة الأيمان .
ليس هدا فقط ، بل وصل الامر ببعض ساستهم الى تسييس الفايروس بطريقة معيبة ، وها هو ترامب يبدأ الحديث عن أن الامريكان الافارقة هم الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المصابين ، في دغدغة رخيصة لقواعده الانتخابية " البيضاء " .
لقد نزع كورونا ورقة التوت عن كل السوءات الخلقية والسياسية والاجتماعية والعقدية وجعلنا نرى العالم المزيف بشكل اوضح ، ولولاه لما سقطت كل هذه الاقنعة ، ورب ضارة نافعة .
جى بي سي نيوز