اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت: ﺗﺸﺨﯿﺺ ﻟﻐﺮض اﻟﺘﺤﺴﯿﻦ أم ﺗﺟﻣﯾل ﻟﻐرض اﻟﺗزﯾﯾن
اﻋﺘﺪﻧﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﯿﻨﺔ واﻷﺧرى ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة أﺧﺒﺎر ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷردﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ. ﻻ أهدف في هذا المقال إﻟﻰ ﺗﻔﺼﯿﻞ ﻣﺎھﯿﺔ ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت واﺳﺘﻌﺮاض ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ، وإﻧﻤﺎ أهدف إﻟﻰ ﺗﺒﯿﺎن ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻟﮭﺎ وﻣﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺠﻠﻰ اﻟﺼﻮرة ﺑﻮﺿﻮح، وﺧﺎﺻﺔ أﻧﻨﺎ ﻓﻲ اﻷردن، وأﻋﺘﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻮطﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻻ ﻧﺴﻤﻊ وﻧﺮى ﻣﻦ ﯾﻨﻘﺪ ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﻋﻠﻤﯿﺔ، وإﻧﻤﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﮭﺎ وﻛﺄﻧﮭﺎ ﻣﻮازﯾﻦ ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ ُﻣﺤْﻜﻤﺔ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﺮﺗﯿﺐ ﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺪﻗﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺸﻜﻮك ﻓﯿﮭﺎ، وﯾﻔﺴﺮ ذﻟﻚ ھﺮوﻟﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت وﺗﺴﺎﺑﻘﮭﺎ الإﺳﺘﻌﺮاﺿﻲ اﻟﻤﺤﻤﻮم ﻋﻠﻰ ﺻﯿﺎﻏﺔ أﺧﺒﺎر ﺑﻄﻮﻻﺗﮭﺎ اﻟﻤﺠّﻤﻠﺔ واﻟﻤﺰرﻛﺸﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺎت الأﺧﺒﺎر، ﺻﯿﺎﻏﺔ ﺗﺒﺘﻌﺪ إﻟﻰ ﺣّﺪ ﻛﺒﯿﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ واﻟﺪﻗﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ.
ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ أن ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﺗﻌﺪ ﻣﺆﺷﺮات أداء ﻣﮭﻤﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ أن ﺗﻨﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ ﻛﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻘﯿﯿﻢ اﻟﺬاﺗﻲ واﻟﺘﺤﺴﯿﻦ اﻟﻤﺴﺘﻤر، وﻟﻜﻦ ﯾﺠﺐ الإﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ أن ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﺗﻌﺪ ﺟﺰءًا ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ ﻣﺆﺷﺮات اﻷداء اﻟﻤﺆﺳﺴﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺒﺤﺜﻲ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ واﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺘﻲ تصنف ﺑﮭﺎ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت وُﺗﻔﺎﺿَﻞ. إلا أن ھﻨﺎك اﻧﻘﺴﺎﻣًﺎ ﻓﻜﺮﯾًﺎ وﻋﻠﻤﯿًﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺨﺒﺮاء وأھﻞ الإﺧﺘﺼﺎص ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺨﯿﺺ واﻗﻊ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﺑﺪﻗﺔ واﻋﺘﻤﺎد ﻧﺘﺎﺋﺠﮭﺎ. ھﺬا الإﻧﻘﺴﺎم ﯾﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪة، ﻣﻨﮭﺎ أن أﺷﮭﺮ ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﯾﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ اﺳﺘﺒاﻧﺎت ﻟﻘﯿﺎس اﻟﺴﻤﻌﺔ الأﻛﺎدﯾﻤﯿﺔ أو اﻟﻮظﯿﻔﯿﺔ أو ﺣﺘﻰ اﻟﻘﺪرة اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ. أﺿﻒ اﻟﻰ ذﻟﻚ، أن ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻓﻲ أﺣﯾﺎن أﺧرى ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺎﻧﺎت ﺗﺰودھﺎ ﺑﮭﺎ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ذاﺗﮭﺎ دونما ﺗﺤﻘﻖ، ﻣﻤﺎ ﯾﺜﯿﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ. ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺐ اﻻﻧﺘﺒﺎه اﻟﻰ أن اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﯾﺪﻋﻰ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﺠﻮدة اﻻﻛﺎدﯾﻤﯿﺔ؛ ﻓﻤﺜﻼ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ الإﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﻟﻘﯿﺎس ﺟﻮدة اﻟﻄﺎﻟﺐ أو ﺟﻮدة ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ وﺗﺤﻘﻖ ﻧﺘﺎﺟﺎت اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﺴﺘﮭﺪﻓﺔ أو ﺟﻮدة اﻟﺨﺮﯾﺞ ﺑﻜﻔﺎﯾﺎﺗﮫ اﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ واﻟﻌﻤﻠﯿﺔ واﻟﺴﻠﻮﻛﯿﺔ، وإﻧﻤﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻵراء اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻟﻠﻌﯿﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺠﯿﺐ ﻟلاﺳﺘﺒﺎﻧﺎت اﻟﻤﺬﻛﻮرة وﺑﯿﺎﻧﺎت ﻻ ﺗﺮتبﻂ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﮭﺬه اﻟﻤﻌﺎﯾﯿﺮ. إن اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ "ﺗﺰﯾﯿﻦ اﻟﺒﯿﺎﻧﺎت" اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪھﺎ وﺗﺮﺳﻠﮭﺎ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﮭﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﺗﻌﺪ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻐﯿﺎب آﻟﯿﺎت ﺗﺤﻘﻖ وﻣﺮاﺟﻌﺔ، ﯾﻐﺬﯾﮭﺎ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﺎر ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت دون اﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﯾﯿﺮ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﻤﮭﻨﯿﺔ اﻟﻤﺜﻠﻰ. ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﺼﺮ، ﺗﻢ ﺗﻮﺛﯿﻖ ﺣﺎﻻت عدلت ﻓﯿﮭﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ ﺑﯿﺎﻧﺎت ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺨﺮﯾﺠﯿﻦ، أﻋﺪاد اﻟﻄﻠﺒﺔ وأﻋﻀﺎء اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻟﺘﺪرﯾﺴﯿﺔ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ. ﻓﻤﺜﻼ ﺗﻢ اﺳﺘﺜﻨﺎء ﺟﺎﻣﻌﺔ اوﻛﻼھﻮﻣﺎ اﻻﻣﺮﯾﻜﯿﺔ ﻣﻦ ﺗﺼﻨﯿﻒ 2019 ﺑﻌﺪﻣﺎ أن ﺗﻢ اﻛﺘﺸﺎف أن اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺗﺰود اﻟﻤﺼﻨﻒ (U.S. News college rankings) ﺑﺄرﻗﺎم "ﻣﻀﺨﻤﺔ" ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺨﺮﯾﺠﯿﻦ ﻟﻌﻘﺪﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ، وﻗﺪ ﺗﻢ ﻧﺸﺮ ھﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ أﺷﮭﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﻋﻼم اﻻﻣﺮﯾﻜﯿﺔ ﻣﺜﻞ CNN وﻏﯿﺮھﺎ.
اﻻن دﻋﻮﻧﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺬي ﯾﻌﺪ ﻣﻌﯿﺎرا ﻣﮭﻤﺎ ﻓﻲ اﺣﺘﺴﺎب ﻧﺘﺎﺋﺞ ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت وﺟﺰءًا ﻻ ﯾﺘﺠﺰأ ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت. ﻓﻤﻦ اﻟﺠﺪﯾﺮ بالذكر أن ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﯿﺎت ﻗﺪ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎلإﻧﺤﯿﺎز أﺣﯿﺎﻧﺎ وﻋﺪم اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎس ﺑﺪﻗﺔ أﺣﯿﺎﻧﺎ أﺧﺮى. ﻓﻤﺜﻼ أظﮭﺮت ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺼﻨﯿﻒ تايمز ﻟﮭﺬا اﻟﻌﺎم واﻟﺬي ﯾﻌﺪ ﻣﻦ أھﻢ اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ذات اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﻮاﺳﻊ أن ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻐﻤﻮرة ﻓﻲ دوﻟﺔ آﺳﯿﻮﯾﺔ ﻗﺪ ﺳﺠﻠﺖ أداءا ﻣﺘﻤﯿﺰا ﻓﻲ ﻣﺆﺷﺮ ﻣﻌﺪﻻت اﻻﺳﺘﺸﮭﺎدات ﻟﻠﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﻤﻨﺸﻮرة وﻛﺎﻧﺖ اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺘﺠﺎوزة بذلك أﻋﺮق اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، مثل ھﺎرﻓﺎرد اﻻﻣﺮﯾﻜﯿﺔ وﻛﺎﻣﺒﺮدج اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ!. واﻻن دﻋﻮﻧﺎ ﻧﻀﻊ اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﻛﯿﻒ ارﺗﻜﺐ ﺗﺼﻨﯿﻒ تايمز ھﺬا اﻟﺨﻄﺄ اﻟﻔﺎدح؟. ﺑﻌﺪ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﻘﺼﻲ فإن ﺑﺎﺣﺜﺎ واﺣﺪا ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻗﺪ ﺷﺎرك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺤﺜﯿﺔ في جامعة ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ ﻣﻌﻨﯿﺔ ﺑﺎلإﺳﺘﻘﺼﺎء اﻟﻤﺮﺿي ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺮ بحوثها ﻓﻲ أرﻗﻰ اﻟﻤﺠﻼت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ واﻟﺘﻲ ﯾﺘﻢ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎد ﺑﮭﺎ ﺑﻤﻌﺪﻻت ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ أﯾﻀﺎ. إذا ﻣﺎ ﺣﺴﺒﻨﺎ ﻋﺪد اﺳﺘﺸﮭﺎدات الجامعة الآسيوية ﺑﻮﺟﻮد ھﺬا "اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﺘﻤﯿﺰ" وﻗﺴﻤﻨﺎھﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد اﻷوراق اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﮭﺎ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ (Citations per Publication) ﻋﻤﻼ ﺑﺎلآﻟﯿﺔ اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﺼﻨﯿﻒ، ﻓﺴﻨﺠﺪ أن ھﺬه اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ (ﺑﺒﺴﻂ ﻛﺒﯿﺮ وﻣﻘﺎم ﺻﻐﯿﺮ) ﺳﺘﺴﺒﻖ ھﺎرﻓﺮد اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻦ ﻋﺪدا أﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ "اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ اﻟﻤﺘﻤﯿﺰﯾﻦ" والذين ﯾﻨﺸﺮون أﻋﺪادا أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ (ﺑﺒﺴﻂ ﻛﺒﯿﺮ و ﻣﻘﺎم ﻛﺒﯿﺮ). ھﺬا اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻣﺄﻟﻮف ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻹﺣﺼﺎء وﯾﺴﻤﻰ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻟﻘﯿﻢ اﻟﻤﻨﻔﺮدة إﺣﺼﺎﺋﯿﺎ ( (Effect of statistical outliers . ھﺬا اﻟﻨﻘﺎش ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻣﺜﺎلا ﯾﻮﺿﺢ وﺟﻮد ﺛﻐﺮات إﺣﺼﺎﺋﯿﺔ ﻣﮭﻤﺔ ﻓﻲ آﻟﯿﺔ ﻋﻤﻞ ھﺬه التصنيفات اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ واﻟﺬي ﺣﺘﻤﺎ ﯾﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺮﺟﺎﺗﮭﺎ وﻣﺼﺪاﻗﯿﺘﮭﺎ.
هناك ظﺎھﺮة أﺧﺮى ﺗﺴﺎھﻢ ﻓﻲ ﺗﻀﻠﯿﻞ اﻟﻤﺸﮭﺪ وﺗﺤﺮﯾﻒ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وھﻲ اﻟﺘﻌﺎطﻲ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﻤﻀﻠﻞ ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت. ﻓﻤﺜﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺮرت ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﻐﻤوﺮة ذاﺗﮭﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺘﺎﺋﺞ تايمز 2020 ، اﻣﺘﻸت وﺳﺎﺋﻞ الإﻋﻼم ﺗﺘﻐﻨﻰ ﺑﮭﺬه اﻹﻧﺠﺎزات و "اﻟﻔﻮز ﺑﺤﺜﯿﺎ " ﻋﻠﻰ "ھﺎرﻓﺎرد وﻛﺎﻣﺒﺮدج" دون ﻣﺮاﻋﺎة أن ھﺬا اﻟﺘﻐﻨﻲ ﻗﺪ ﻻ ﯾﺨﺪم اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ واﻟﻮطﻦ، ﻷن ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻘﻨﻊ أﺣﺪا اﺑﺪا؛ ﻟﻠﺴﺒﺐ ذاﺗﮫ اﻟﻤﺸﺮوح أﻋﻼه!.
وﻣﺎ أن أﻋﻠﻨﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺼﻨﯿﻒ اﻟﺘﺎﯾﻤﺰ ﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎتTHE Impact Ranking ، ﺑﺎدرت ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ ﺻﯿﺎﻏﺔ الأﺧﺒﺎر ﺑﻠﻐﺔ ﻻ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ أﻣﻨﯿﺎت ﻛﺎﺗﺒﮭﺎ. فقد تداولت الأخبار هذا التصنيف وكأنه اﻷھﻢ ﻋﺎﻟﻤﯿﺎ والذي ﯾﻌﻜﺲ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺗﻤﯿﺰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﺔ. الجدير بالذكر أن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﺮﯾﻘﺔ ﻣﺜﻞ (Harvard, MIT, Cambridge, Imperial College of .London, Stanford..etc) ﻟﻢ تشارك ﻓﻲ THE Impact Ranking ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﺘﻘﺪم اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷردﻧﯿﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﺘﺼﻨﯿﻒ إﯾﻤﺎﻧﺎ ﺑأن ﻣﻌﺎﯾﯿﺮ ھﺬا اﻟﺘﺼﻨﯿﻒ قد ﺗﺸﺬ ﻛﺜﯿﺮا ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎﯾﯿﺮ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﺘﻘﯿﯿﻢ ﺟﻮدة ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت الأﻛﺎدﯾﻤﯿﺔ، وإﻧﻤﺎ ﺻﻤﻤﺖ ﻟﻘﯿﺎس أداء اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ أھﺪاف ھﯿﺌﺔ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ. إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺑﺘﻤﻌﻦ ﻓﻲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺼﻨﯿﻒ THE Impact Ranking، ﻧﺠﺪ أن ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﯿﺮزﯾﺖ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ وﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻨﮭﺎ اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ وھﻦّ ﻏﯿﺮ ﻣﺼﻨﻔﺎت ﻓﻲ ﺗﺼﻨﯿﻔﺎت اﻟﺘﺎﯾﻤﺰ وQS تقعان ﻓﻲ ﻓﺌﺔ 101-200، وھﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﯿﮭﺎ MIT الأﻣﺮﯾﻜﯿﺔ وھﻲ اﻷوﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﯿﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﻨﯿﻒQS واﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻋﺎﻟﻤﯿﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﻨﯿﻒ اﻟﺘﺎﯾﻤﺰ! ھﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺗﻔﻘﺪ ھﺬا اﻟﺘﺼﻨﯿﻒ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻗﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎس واﻟﺘﻤﯿﯿﺰ واﻟﻤﺼﺪاﻗﯿﺔ!
إننا ﻧﻌﺘﺰ ﻛﻞ الإﻋﺘﺰاز ﺑﺈﻧﺘﺎﺟﻨﺎ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺒﺤﺜﻲ ﻓﻲ الوطن اﻟﻌﺮﺑﻲ، وﻟﻜﻦ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ، وﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﺗﻌﺘﺒﺮﻧﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺮﺑﺎﻧﯿﯿﻦ وورﺛﺔ اﻷﻧﺒﯿﺎء، أن ﻧﻄﺒﻖ أﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﯾﯿﺮ اﻟﻤﺼﺪاﻗﯿﺔ واﻟﻮاﻗﻌﯿﺔ واﻟﻤﮭﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﺧﺒﺎرﻧﺎ (ﻣﺤﺘﻮى وﺻﯿﺎﻏﺔ)، وأن ﻧﺠﻌﻞ ذﻟﻚ دﯾﺪﻧًﺎ لإﻋﻼﻣﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﺪق ﻣﻊ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي يرقبنا
إن ﻗﯿﻤﺔ ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﺑﻌﻨﺎﯾﺔ وﻣﻮﺿﻮﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻧﺘﺎﺋﺠﮭﺎ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺨﯿﺺ أداﺋﮭﺎ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﻘﺎط اﻟﻘﻮة واﻟﻀﻌﻒ لديها ﺑﮭﺪف ﺗﺤﺴﯿﻦ اﻷداء وﺗﻄﻮﯾﺮه، وﻟﯿﺲ تسويقا لأحدى الجامعات أو تلميعا لأﻓﺮادھﺎ ﺑﻄﺮق دﻋﺎﺋﯿﺔ ﺗﺨﺮﺟﮭﺎ عن ﻣﻀﻤﻮﻧﮭﺎ اﻷﻛﺎدﯾﻤﻲ ﻣﻤﺎ ﯾﻌﻮد ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺪاﻗﯿﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻷردن، وھﻮ اﻟﺮاﺋﺪ ﻓﻲ اﻹﻗﻠﯿﻢ، و اﻟﺮاﺋﺪ ﻻ ﯾﻜﺬب أھﻠﮫ.