الهلال الحزين

تم نشره السبت 25 نيسان / أبريل 2020 06:46 مساءً
الهلال الحزين
د.عاصم منصور

ها هي الدنيا تستقبل هلال رمضان، ضيفا كريما بما يحمله من معاني البركة والطهر والإرادة الحقيقية للإنسان، لكن هلال هذا العام يطل علينا حزينا لما حدث للعالم من تغير في غيبته بسبب هذا الوباء الذي خلف الكثير من المآسي وتسبب في تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ولم يسلم من تأثيره أي من مناحي حياتنا العامة والخاصة.
يطل هلال هذا العام على العالم وهو يرزح تحت وطأة الوباء الثقيلة وقد فاض بالحزن وأثخنته الجراح، وأقفرت مدنه وحواضره وخلت مساجده من عمّارها، واشتاق الحرم إلى الطائفين حوله، وقد أصبح صوت الأذان حزينا يغالب عبرته وهو يدعو الناس للصلاة في رحالهم.
يحمل هذا الشهر الفضيل العديد من المعاني منها ما هو قديم مستقر ومنها ما هو مستجد، ورمضان هذا العام سيعطي معنى وبعدا جديدين لمفهوم الترابط الاجتماعي ولتعزيز قيم الغيرية ونبذ الأنانية، كما سيظل هذا الشهر الكريم وفيا لتقاليده الراسخة العديدة مطلقا دوافع الخير وحوافز المعروف في النفس، وباعثاً معاني التقوى والورع، يربي الناس على قوة الإرادة وتحمل الشدائد والانتصار على مصاعب الحياة ونوائبها، ليغير في وقت واحد الكثير مما ألفناه في حياتنا وحياة ملايين البشر في شتى بقاع الأرض من عاداتٍ، ليتغير السلوك اليومي الفردي والجماعي على نحو واسع، وينقلب برنامج الحياة اليومية، وتتمايز طريقة إشباع احتياجات الإنسان الأساسية في البدن والروح والحياة.
ونحن إذ نذكر رمضان فإننا نذكر في حضرته التعرض للنفحات الربانية والتجليات الإلهية وتحقيق معاني التقوى، كما نستحضر معه ضبط الإرادة، وكسر قيد العادة، وتوثيق العزيمة لتستقيم الحياة على منهج الله، ونعيش مع رمضان وبوحي من طبيعته وبأثر من فضله، عادات كريمة وخصالا فاضلة تعودناها في حضرته، هي بعض من آثار كرامته ومن ثمرات بركته، منها قيم الصلة والتراحم والمودة والإقبال على الناس والحياة بالتسامح، ونذكر رمضان ونذكر معه البر والصدقات والصلات والإحسان واجتماع الناس على البر والتقوى.
فالصوم ظاهرة فريدة وتجربة ثمينة ينبغي تنميتها وتعزيزها وربطها بالقيم الخيّرة، والعادات النافعة، والممارسات المفيدة لخير المجتمعات والبشرية، من خلال الاستفادة من روح الصيام التي تنطلق من إرادة ذاتية راسخة وقناعة صادقة وتصرف حر للإنسان لمواجهة سيطرة العادة وسلطان الشهوة، والانعتاق من سجن الجسد الى فضاء الروح وارتقاء بالنفس في مدارج التقوى. فالتربية النفسية التي يتيحها شهر الصيام يمكنها أن تبدع في تكوين العادات الصالحة والعواطف النبيلة، التي تعود بالخير على الإنسان والإنسانية.
فسيحةٌ هي آفاق الشهر الكريم، وعديدةٌ فرصه، وخفية أسراره، وحريٌّ بمن أدرك معانيه، وذاق حلاوة الطاعة فيه، أن يجعل منه ساحة لكل طيب من العادات والأخلاق يلتزمها وينشرها ويتقاسمها خصوصا في هذه الظروف الصعبة والتي تشكل اختبارا عمليا لحقيقة الايمان وأثره في حياتنا وجوهر العبادة وانعكاسها على ممارساتنا اليومية.

الغد



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات