يوم العمّال.. بأي حال عدت؟
كنا سنويا نحتفل بعيد العمال اليومي بعطلة رسمية نقوم بها برحلات ونزهات، فيما تصدر النقابات العمالية والهيئات النقابية المختلفة والحكومة ونشطاء بيانات تتحدث عن واقع العمال والإنجازات التشريعية والفعلية التي تحققت لهم، وكذلك عن التحديات التي تواجههم.
أما هذا العام، ففي عيد العمال الذي صادف أمس، لم نغادر بيوتنا، لأن الحكومة أعلنته يوما للحظر الشامل ضمن برنامجها لمكافحة فيروس كورونا، فيما صدرت بيانات تتحدث عن الواقع المر والتحديات الكبيرة والخطيرة التي تواجه العمال والتي فرضتها تحديات «أزمة كورونا» والإجراءات التي تم تطبيقها لمواجهة هذا الوباء الخطير والتي أدت لتعطل الكثير من القطاعات الانتاجية والخدمية.
التحديات التي تواجه العمال ليست ككل التحديات السابقة، وهذا واقع يقره الجميع، ولا يختلف عليه أحد؛ فلقد فقد الكثير من العاملين عملهم وانضموا إلى العاطلين عن العمل والتي كانت نسبتهم مرتفعة قبل «أزمة كورونا» ووصلت إلى 19.2 %، وتم تخفيض رواتب الكثير من الموظفين والعاملين في شركات القطاع الخاص بمختلف أنواعها وأشكالها، وتقطعت السبل بعمال المياومة، وبعمال الزراعة، وبعمال القطاع السياحي والخدمي وبعمال قطاع الإنشاءات وغيرهم.
ولم تفلح إجراءات الحكومة التي اتخذتها في إنقاذ آلاف العمال من المصير السيئ الذي يواجههم. فهذه الإجراءات التي كان هدفها بحسب ما أعلنت الحكومة إنقاذ الاقتصاد والعمال، لم تؤد حتى الآن لذلك، بل إنها زادت من معاناتهم إلى درجة كبيرة، وحولت أعدادا كبيرة منهم لعاطلين عن العمل.
وكما يبدو، فإن معاناة العمال في قادم الأيام وحتى بعد انتهاء «أزمة كورونا» لن تتوقف، فبحسب توقعات المختصين، ستتزايد جراء الأزمة التي ستعيشها القطاعات الاقتصادية والتي لا يبدو أنها ستتعافى سريعا، بل تحتاج إلى وقت طويل، بالإضافة إلى إجراءات فاعلة وكبيرة لمساعدتها على التعافي.
لا يمكن تجاوز «أزمة كورونا» وما بعدها، دون حماية العمال ومساعدتهم على تجاوزها بأقل الأضرار؛ فبدون إجراءات فاعلة ودقيقة ومنحازة للعمال الذين يعتبرون الفئة الأضعف في المعادلة الاقتصادية، فإن الآثار السلبية لن تتوقف عند العمال، وإنما ستطال كل المجتمع.
لا يجوز، أن تنحصر إجراءات الحكومة لإنقاذ العمل ببضع خطوات هدفها تقديم المساعدة الاجتماعية لهم في المرحلة الحالية. الحكومة مطالبة بإجراءات إنقاذية صحيحة وواضحة بحيث لا يحمل العمال أعباء الأزمة لوحدهم، وإلا فإن الأوضاع ستزداد تعقيدا.
في رسالة رئيس الوزراء عمر الرزاز للعمال أمس، يؤكد أن حكومته ستعمل كل ما باستطاعتها لحماية العمال وإدارة عجلة الإنتاج، ونتمنى أن يكون ذلك بحق هدف الحكومة، وأن لا يكون على حساب العمال.
الرزاز، الذي يشير في رسالته إلى العمال الذين فقدوا عملهم تحت وطأة الفيروس، لم يذكر أي شيء حول ما ستتخذه حكومته لإعادتهم إلى العمل.. إن التحدي الصعب في المرحلة المقبلة، إعادة فاقدي العمل لأعمالهم، وإيجاد فرص عمل جديدة. ارتفاع نسبة المتعطلين عن العمل هو الذي يجب أن يقلق الحكومة والمجتمع، وعليهما اعتبار تقليصها بشكل كبير أولوية، فأي تهاون على هذا الصعيد سيزيد من التعقيد وسيفاقم المشاكل.
الغد