عدنا ( 4) سنوات للوراء..رغم محاولات تقليل الخسائر!!

كل ما يجري في العالم حتى الآن في مواجهة وباء كورونا هو مجرد محاولات لتقليل الخسائر البشرية والمالية والاقتصادية - ليس أكثر - لأن الوباء مخفي ومجهول، والعالم يخوض حربا ( ضد عدو مجهول !)، وكل ما يصدر هنا أو هناك - حتى من منظمة الصحة العالمية مجرد تكهنات وتوقعات - وستبقى كذلك حتى يتم التوصل الى لقاح لعلاج هذا الوباء الغامض.

وكذلك كل الإجراءات الاقتصادية والمالية في كل دول العالم، من ضخ للأموال واستنزاف لمقدرات الاقتصاد العالمي، هي محاولات لتقليل الخسائر التي تزداد يوما تلو الآخر كلما طال أمد هذه الجائحة.

آخر التقارير حول خسائر الاقتصاد العالمي جراء فيروس كورونا، ما صدر أمس الأول عن إدارة الشؤون الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة في تقرير حول الوضع والتوقعات الاقتصادية في العالم، حيث أفاد التقرير بأن الاقتصاد العالمي سيتقلص بنسبة ( 3.2%) في العام 2020، وان ذلك سيتسبب في خسائر تبلغ نحو ( 8.5 تريليون دولار )..(( وهو ما يعادل حوالي 4 أعوام من مكاسب تحققت - يعني عدنا 4 سنوات الى الخلف حتى الآن ))!!

تقارير أممية أخرى أشارت أن حكومات العالم خصصت حتى الآن ما يعادل ( 10%) من الناتج المحلي الإجمالي في العالم كتدابير تحفيزية لمواجهة الوباء، والحد من انكماش اقتصادي كارثي. لذلك بدأت العديد من الدول حول العالم بالتقليل من قيود الإغلاق، وإعادة افتتاح وعودة النشاط الاقتصادي، بهدف إنعاش اقتصاداتها في أسرع وقت ممكن.

أخطر ( المصائب ) أو التحديات في هذه الجائحة - بحسب معظم التقارير العالمية - والتي تواجه حكومات العالم، مدى القدرة على حماية الوظائف والدخل، وانعكاسات الكارثة الاقتصادية على الأوضاع الاجتماعية في كل دولة، حيث ستزداد نسب البطالة وإعداد فاقدي الوظائف، وتكفي الإشارة هنا الى أن عدد المتقدمين للحصول على" إعانات البطالة " في الولايات المتحدة منذ بداية الجائحة وصل حتى يوم أمس الى أكثر من ( 36) مليون شخص !.

في الأردن خسرنا اقتصاديا - كما كل دول العالم - وارتفعت نسبة المديونية الى نحو سيصل الى ( 107%) الى الناتج المحلي - بحسب آخر تقارير البنك الدولي - وزاد عجز الموازنة بنحو مليار دينار تقريبا، تضاف الى عجز مقدّر بنحو 1,1 مليار دينار في 2020، لكن الإجراءات التي تم اتخاذها - حتى الآن - على صعيد السياستين النقدية والمالية بما فيها بالتأكيد حوافز وإجراءات البنك المركزي، والإجراءات الحكومية جيدة جدا في مواجهة تداعيات الجائحة ولولاها لكانت الخسائر أكبر بكثير، ويضاف الى تلك الإجراءات دور القطاع الخاص وصناديق الدعم، وغيرها مما يساعد من التخفيف من الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني.

وسيبقى الحل الأمثل، ما ذكره جلالة الملك يوم أمس في حديثه لمجلة "دير شبيغل" الألمانية، بكل شفافية ووضوح بأنه : " سيكون لدينا ركود اقتصادي لمدة عامين، إذن سرعة تعافينا في 2020 تعتمد على إعادة فتح القطاعات بطريقة ذكية".

نتطلع الى الاستمرار في حسن إدارة الأزمة - وبتوجيهات جلالة الملك - صحيا واقتصاديا واجتماعيا، مع تطورات جائحة، سترجع العالم سنوات الى الوراء قبل أن نعرف كيف ؟ ومتى سنخرج منها؟!

جائحة تتطلب مزيدا من التكاتف الاجتماعي والاعتماد على الذات على صعيد كل دولة.. وكل إقليم.. والعالم بأسره.. وكل ذلك علّنا ننجح بتقليل الخسائر فقط في هذه المرحلة.

حمى الله الأردن ملكا وجيشا وشعبا من كل وباء وبلاء.

حمى الله البشرية جمعاء.

الدستور