الرأي والرأي الأخر في قضية الجامعات!!
قمت بالأمس بنشر مقال قصير عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن مأساة طلاب الجامعات الذين لا يستطيعون دفع الرسوم الجامعية، وتضغط عليهم الجامعات إما الدفع وإما حرمانهم من دخول الامتحانات!! وبعد نشر هذا المقال القصير اتصل بي عشرات المحاضرين والموظفين والمسئولين في بعض الجامعات في قطاع غزه وأوضحوا لي عده نقاط رأيت انه من الواجب نشرها استدراكاً للمقال السابق الأول حتى يكون هناك شمولية ومصداقية في الطرح وشفافية وعمق في عرض الموضوع وقد تركزت هذه النقاط فيما يلي:
أولاً: أن رقم 5000 دولار راتباً للمحاضر في الجامعات( كما أوردته دنيا الوطن في تقرير مطول لها نشر قبل فترة عن أزمة الجامعات) هو رقم غير صحيح ومبالغ فيه! فالأستاذ دكتور يحصل على 3000 دولار شهرياً! والأستاذ المساعد على 2000دولار! والدكتور على 1000 دولار! وهذه الرواتب هي بموجب لائحة الرواتب الموحدة التي تم العمل بها قبل عدة سنوات! وعلى سبيل المثال تم العمل بموجبها في ألجامعه الإسلامية سنة 2013. ولكن لم ينفِ المتصلون أن بعض المحاضرين ربما وصل دخلهم الشهري أحياناً الي 5000 دولار نتيجة إشرافهم علي مجموعة من رسائل الماجستير سنوياً!! مع الإشارة أن الإشراف علي الرسالة الواحدة كان بمبلغ 500 دولار أما في الوقت الراهن فهو لا يتجاوز نصف هذا المبلغ!!
إذاً نفى المتصلون جملةً وتفصيلاً أن تكون رواتب المحاضرين بالمبلغ الكبير الذي ذكر!!
ثانياً: أكد المتصلون أنه منذ أكثر من خمس سنوات وتحديداً منذ 2015 وهم لا يتقاضون أكثر من 30% أو 35% على أبعد تقدير من رواتبهم إي أن الأستاذ دكتور الذي كان يتقاضى 3000 دولار أصبح يتقاضى ألف دولار فقط!! وهذا متواصل منذ خمس سنوات بشكل دائم!! وقد وصل تدني الحال بفئات كثيرة من الأكاديميين مثل الدكاترة الذين كانوا يتقاضون أصلاً ألف دولار فاصبحوا الان بعد الخصم من الراتب درجة كبيرة جداً من المعاناة، حيث أصبحوا لا يتقاضون إلا الفتات وأصبحوا في وضع مالي
صعب جداً جداً!! فمن المحاضرين من لا يستطيع توفير المواصلات للتنقل اليومي من وإلى ألجامعه خصوصاً إذا كان يسكن في المنطقة الجنوبية أو الوسطى!! كذلك طالب المتصلون بي عدم تحميلهم مسئولية أزمة الجامعات المالية، وعدم تحميلهم أنهم السبب في ألازمه القائمة حالياً بين الجامعات والطلاب، مؤكدين أنهم الضحية الأولى لهذا ألازمه!!
ثالثاً: أكد المتصلون أنه يجب التفريق بين فئات الطلاب غير القادرين فعلاً على دفع الرسوم والطلاب القادرين فعلا على دفع الرسوم!! موضحين أن هناك فئة ليست بالقليله ميسورة الحال لا تقوم بدفع الرسوم مما أدى إلى تدني مدخولات الجامعات بصوره كبيره جداً!! وأوضح المتصلون أن الجامعات لا تتقاضى التكلفة الحقيقية للساعة الجامعية فهي تتقاضى حوالي 60% فقط من هذه التكلفة!! وتتحمل ألجامعه تغطية النسبة الباقية!!
رابعاً: أرجع العديد من المتصلين السبب الحقيقي للأزمة المالية لأمور وأسباب أخرى غير رواتب الموظفين أو عدم دفع الطلاب للرسوم! فقال بعضهم إن اعتماد بعض الجامعات على الدعم الخارجي في أوقات سابقة من دول الخليج والدول والجهات الداعمة للشعب الفلسطيني وتوقف هذا الدعم بصوره شبه كليه حالياً يعتبر سبباً جوهرياً في تفاقم ألازمه!! كما حمل بعض المتصلين إدارات الجامعات مسؤولية ألازمة لأنها لم تقم بعمل مشروعات اقتصادية تدر قدر من الدخل علي الجامعات مثل إنشاء فنادق أو محطات وقود أوأبراج سكنيه وغير ذلك من المشروعات الحيوية التي كان بالإمكان توفير مدخولات جيدة للجامعات لو كانت موجودة!!
خامساً: حمل الكثير من المتصلين سياسة التوظيف العشوائي التي كانت سائدة في الجامعات قبل تفاقم الأزمة المالية المسئولية المباشرة عن أزمة الجامعات ورواتب الموظفين فيها، فعلى سبيل المثال يوجد في الجامعة الإسلامية 650 إداري مقابل 300 محاضر!! وهو رقم كبير جداً بكل المعايير والمقاييس!! وهو يستنزف موارد ألجامعه حيث بلغت الفاتورة الشهرية للرواتب عندما كانت تدفع كاملة مليون ونصف المليون دينار!! وهو رقم كبير جداً مقارنةً بالمدخولات الطبيعية للجامعة! وأكد المتصلون أن الجامعة لا تحتاج فعلياً لأكثر من هذا العدد فقط!! وأشاروا أن الجامعات استيقظت بعد تفاقم الأزمة، والآن لا يتم التوظيف أو التثبيت نهائياً!! ومن يخرج من الإداريين والأكاديميين متقاعداً أو مستقيلاً لا يتم تعين بديلاً عنه!! كما أن العمل في الجامعات يتم حاليا بنظام الساعة وليس بالتعيين او التثبيت!!
سادساً: اعترف العديد من المتصلين بأن هناك فعلاً أقسام في الجامعات بها ترهل وظيفي كبير خصوصاً الأقسام النظرية!! وأبدى المتصلون استغرابهم من المساواة بين المحاضرين في كافه التخصصات مؤكدين انه يجب إيجاد لائحه تضمن حقوق المحاضرين في الأقسام العملية مثل الهندسة والطب والعلوم!! مشددين بأن المساواة بين جميع الأقسام وجميع المحاضرين في مختلف الأقسام هو نوع من أنواع الظلم للمحاضرين في الكليات والأقسام العملية التي تحتاج لجهد شاق وتفاعل دائم!
سابعاً: شدد المتصلون على رفض الأسلوب التهكمي الذي جاء في سياق المنشور الذي نشرته مؤكدين أن معظم المحاضرين من حملت الشهادات العلمية العليا من أكبر وأعرق الجامعات في العالم وإنهم حصلوا عليها بالتعب والعرق والصبر والمثابرة!! مؤكدين على وجود البعض اليسير من حملة الشهادات العليا من جامعات او معاهد سيئه السمعة والصيت لا يجب أن يعمم على الجميع أو أن يكون مقياسا جمعياً للكل!!
ختاما/ نقلت لكم بأمانة جملة ما جاء في الاتصالات التي وردتني من عشرات المحاضرين والموظفين في الجامعات! وبهذا أكون قد طرحت جميع الآراء علي طاوله البحث والتداول. وفي النهاية كم نتمنى أن يتحول التعليم في وطننا من المرحلة الابتدائية وحتى نهاية الدراسات العليا مجانياً وأن تتحمل السلطات الحاكمة مسئولياتها أمام هذا الواجب كما هو الحال بالعديد من الدول التي تقوم بذلك لضمان حصول كل طالب علم علي حقه الطبيعي في التعليم مجانياً بغض النظر عن وضعه المالي الصعب والمعقد!! وحتى ذلك الوقت أقول يجب على الطلاب القادرين على دفع الرسوم أن يقوم بتسديد الرسوم للجامعات فلا يعقل أن يمتطي أحدهم سيارة بمبلغ 20 ألف دولار وأكثر هديه عيد ميلاده من البابا والماما ويمتنع عن دفع الرسوم الجامعية!! نريد جميعاً التكاتف لإنقاذ جامعاتنا من الضياع!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ