المرحلة «كشفت الطوابق» !!
من إيجابيات «الجائحة» - اذا كان من الجائز أن نقول بأن لها ايجابيات - أنها كشفت « طوابق « كثيرة..
وعلى كافة الأصعدة :
على صعيد البيوت واحتياجاتها ومصاريفها، فقد شكلت الجائحة فرصة جمعت شمل بيوت، وهدمت بيوتا أخرى، وكان الحظر المنزلي و التباعد الاجتماعي فرصة للتقارب الأسري داخل كل بيت، وهناك من نجح بترميم البناء المنزلي واعادة ترتيبه وهناك من نجح باعادة ترميم وترتيب البيت الاسري..كما كانت الجائحة فرصة لاعادة ترتيب أولويات الصرف على ما يلزم وما لا يلزم.. وتحولت بعض البيوت الى ورشة للعمل والتعلم عن بعد..الخ.
على صعيد الشركات والمؤسسات والمصانع والمتاجر، شكلت الجائحة فرصة لاعادة دراسة المشهد الحقيقي للانتاجية وكفاءة العمالة، ومن هو المنتج القادر على مواكبة التطور التقني بالعمل عن بعد و من هم غير القادرين.. وطرحت الجائحة تساؤلات كبيرة حول: مدى الحاجة الى هذه الاعداد الكثيرة من الموظفين او العاملين الزائدة عن الحاجة في كثير من الشركات والمؤسسات، وفي المقابل اظهرت اهمية الحاجة الى اعداد اكبر من العاملين الفنيين المحترفين خاصة في قطاعات نجحت في الجائحة كالقطاع الصناعي وتحديدا الطبي والصحي والزراعي والصناعات الغذائية.
كما طرحت الجائحة سؤالا مهما حول مدى الحاجة الى كل هذه المباني الضخمة والمكاتب والايجارات - باستثناء المصانع تحديدا - ما دام بالامكان انجاز نسبة كبيرة من الاعمال من المنازل وعن بعد ؟!
الجائحة أظهرت أهمية التكنولوجيا، وعظّمت فرصة من يتقنها بالحصول على عمل ووظائف جديدة، وهي - «الجائحة»- وان سمحت للمرأة بالجلوس في المنزل والعمل عن بعد، الا أنها في المقابل شكّلت فرصة للمرأة « التكنولوجية « بالحصول على وظيفة في حال اصبح العمل عن بعد توجها سائدا في قادم الايام.
على صعيد الحكومات.. شكلت الجائحة فرصة ايضا لاكتشاف من كان قادرا على الانتاج وحسن الاداء ومواجهة التحديات، ومن اختفى تماما عن المشهد ولم نسمع له « حسًّا ولا خبرًا « ولا نر له موقفًا او حضورًا؟
لذلك فان مرحلة جائحة كورونا فرصة حقيقية لاعادة الحسابات، واعادة ترتيب الاولويات على كافة الاصعدة، وتحديدا على صعيد الحكومات والدول.. والاردن ليس استثناء، فقد رصد الجميع - وان بنسب متفاوتة - اداء الحكومة والوزارات والمؤسسات الحكومية والوزراء والمدراء والادارات وظهرت اهمية وحضور العديد من القطاعات والافراد الناجحين، وغاب عن المشهد جهات وافراد فشلوا في أداء مهامهم ولم يكونوا على قدر الحدث .
باختصار الجائحة « كشفت طوابق كثيرة «.. وهي وحدها مهّدت لعالم آخر مختلف ببرامجه وأولوياته وأشخاصه لمرحلة ما بعد جائحة كورونا..ومن المهم ان تستفيد كافة الجهات لاعادة البناء لمرحلة لم يعد فيها من المسموح حتى الالتفات الى الخلف، فكيف بالرجوع ؟!
الدستور