الأردن في G20
دعوة الأردن للمشاركة في أعمال مجموعة دول العشرين المنعقدة بالرياض في شهر تشرين الثاني المقبل من قبل المملكة العربية السعودية فيها دلائل داخلية وخارجية مهمة، ولا يمكن وصفها إلا بالفرصة التاريخية للأردن كما هي أيضا للسعودية.
خص الأردن تحديداً من دول الشرق الوسط بدعوة خاصة من السعودية لها مدلول مهم لمدى عمق العلاقات بين البلدين، ووصولهما لتفاهمات كبيرة ونظرة مشتركة حول معظم القضايا في المنطقة، مما جعلهما يدخلان من بوتقة سياسية واقتصادية، ورؤية مشتركة واحدة، وانسجام كامل بين قيادتي البلدين.
دعوة السعودية للملك عبد الله الثاني للمشاركة في أعمال مجموعة العشرين هي رسالة مهمة لكل من يحاول أن يشكك في متانة العلاقات بين البلدين، فالسعودية هي الداعم الأكبر للاقتصاد الأردني، وطالما كانت المساعدات من الرياض المنقذ الحقيقي للاقتصاد الوطني من الكارثة التي قد يكون فيها لولا تلك المساعدات، والكل يتذكر دور السعودية عقب أزمة الدينار في العام 1989، والدعم المالي المباشر الذي قدمته للخزينة لإعادة الاستقرار المالي والنقدي لها، والأمر تكرر في تفاصل مهمة في تاريخ الدولة الأردنية لا يستطيع أي أحد إنكارها كما هو الحال عقب حرب 2003 وانقطاع النفط العراقي التفضيلي عن المملكة، حينها كانت إمدادات النفط السعودية المجانية تتدفق للأردن وتسهم مع نظيراتها الكويتية والإماراتية بإعادة الاستقرار والتوازن للاقتصاد الوطني، والأمر لا ينحصر بهذا الشكل من المنح، فالدعم المالي المباشر للخزينة والمبادرات التي قادتها الرياض لدعم المملكة مثل المنحة الخليجية وإعلان مكة وغيرها من المبادرات السعودية، ناهيك عن الاستثمار السعودي القوي في مختلف قطاعات المملكة الاقتصادية الذي يحتل المرتبة الأولى بحكم استثمار يقدر بحوالي 10 مليارات دولار.
مشاركة الملك عبد الله في قمة الرياض هي تأكيد على مكانة الأردن في منطقة الشرق الأوسط، وأن حضوره مستمر في المحافل الدولية التي توفر فرصة تاريخية للنمو في عرض رسالته لقادة العالم الفاعل الذين يغيرون اتجاهات الاقتصاد العالمي.
قمة العشرين في الرياض فرصة للأردن للاتصال عن قرب مع الدول المانحة الرئيسية لمشاركتها في العملية الإصلاحية التي ينفذها الاقتصاد الأردني بمساعدة من صندوق النقد الدولي، فهذه فرصة كبيرة لشرح التحديات التي تواجه المملكة عن كثب، خاصة في ظل معطيات الوضع الراهن وانخفاض أسعار النفط عالمياً وانتشار الأوبئة التي تحد من نمو اقتصاديات الدول مثل كورونا وغيرها، وكلها لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الأردني الذي هو بأمس الحاجة لدعم المجتمع الدولي الذي طالما عقد العديد من المؤتمرات لدعم المملكة، كان آخرها مؤتمر لندن لدعمه جراء تداعيات أزمة اللاجئين على اقتصاده المُثقل.
دعوة السعودية للأردن لحضور قمة العشرين ستجعل المملكة مُطلعة على اتجاهات الاقتصاد العالمي، وهذا سيمكنه من التحرك الداخلي وتكييف أوضاعه حسب تطورات الوضع العالمي من جهة، والتنسيق أكثر وأكثر مع السعودية في توحيد المواقف تجاه ما يحدث عالمياً في المنطقة والعالم بأسره.
احتضان السعودية لقمة العشرين هو دلالة واضحة على المكانة الاقتصادية التي تتمتع فيها وقدرتها في التأثير على اتجاهات الاقتصاد العالمي، والمكانة التي تتمتع بها في المنطقة.
قمة العشرين في الرياض فرصة تاريخية لإعادة الاعتبار لدول المنطقة في المشهد العالمي، ولحظة مهمة للأردن ليعزز من شراكته الدولية ويحظى بالمساندة العالمية لبرامجه وخططه التنموية ولمواقفه السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز مهم لدور المملكة الأردنية الهاشمية على الساحة الدولية وامتداد لحضورها الدبلوماسي.
الغد