«سيولة» و «حوافز جديدة» لمواجهة «الانكماش الاقتصادي»
الأردن - وكما نقول دائمًا - ليس بمعزل عمّا يجري في العالم جراء تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية، وجميع التقارير العالمية للبنك الدولي أو صندوق النقد الدولي وغيرهما تؤكد دخول الاقتصاد العالمي بمرحلة فريدة من نوعها وهي مرحلة الانكماش الاقتصادي حيث لا «عرض» ولا «طلب»،الأمر الذي يستوجب مزيدًا من الإجراءات من قبل الحكومات وفي مقدمة تلك الإجراءات ضخ مزيد من السيولة في الأسواق لتقليل الخسائر وإعادة تنشيط ما يمكن تنشيطه من القطاعات الاقتصادية.
في الأردن، ومنذ بدايات مواجهة الجائحة كان البنك المركزي مبادرًا في طرح العديد من الحوافز سواءً لتنشيط القطاعات الاقتصادية أو من خلال تقديم حوافز للبنوك أو تخفيض للفائدة لأكثر من مرة، وأخيرًا وليس آخرًا تقديم حزم من القروض لإنقاذ الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال البنوك، وقاربت إجراءات «المركزي» نحو «ملياري دينار تقريبًا».
في المقابل كانت هناك مبادرات وأوامر دفاع وبلاغات وقرارات من قبل الحكومة كان لـ»الضمان الاجتماعي» الدور الأبرز فيها من أجل التخفيف من تداعيات الجائحة على الاقتصاد الوطني.
وكانت هناك حوافز للقطاع السياحي وكذلك الزراعي.. وأيضًا الصناعي وتحديدًا الصناعات الطبية والغذائية.. إلخ من تلك الإجراءات.
كل ما تقدّم إجراءات لا يمكن إنكارها، ولكن الوضع وتحديدًا في النصف الثاني من هذا العام يتطلّب أمران: إعادة تقييم القرارات السابقة وأثرها الميداني والعملي على الاقتصاد، وإعداد حزمة جديدة من الحوافز للمرحلة المقبلة.
من المهم جدًا، بعد أن ظهرت العديد من مؤشرات النصف الأول من عام 2020 سواءً ما يتعلق بإيرادات الخزينة، أو أرباح الشركات، و أرباح البنوك... وكل الأرقام في تراجع، من المهم جدًا إعادة تقييم المرحلة والنظر في ما إذا كانت القرارات السابقة كافية أم لا؟ وهل حققت أهدافها أم لا؟ وما هي نسبة النجاح؟
من المهم جدًا أن يدرس البنك المركزي حجم الاستفادة من الحوافز التي قدّمها؟ ونسبة استفادة القطاعات المستهدفة منها؟ وهل بالإمكان إيجاد معادلة وسط بين أحقية البنوك بالتشدد في الإقراض، وبين ضرورة توفير سيولة لشركات ومؤسسات حفاظًا عليها وعلى الأيدي العاملة فيها.
من المهم جدًا إعادة تقييم مدى الاستفادة من الحوافز التي طُرحت للقطاع السياحي والزراعي، وما هي نسبة النجاح - حتى الآن - بتشجيع السياحة الداخلية، والسياحة العلاجية؟.. وكيف يمكن أن تُعمّم تلك الحوافز على قطاعات سياحية أخرى كالنقل السياحي والفنادق وعموم المطاعم؟
من المهم إعادة تقييم كل القرارات السابقة التي تم اتخاذها في النصف الأول من العام وتحديدًا خلال أشهر (آذار ونيسان وأيار) الماضية، ووضع خطة مراجعة وتحفيز جديدة لما تبقى من هذا العام، وفقًا لتطورات الأوضاع المحلية والإقليمية والعالمية، وبما لا يتعارض مع الإجراءات الوقائية لمواجهة الوباء.
نتطلّع لحزمة حكومية توفّر سيولة للقطاع الخاص بإجراءات أكثر مرونة، ونتطلع لإجراءات تساهم بتنشيط حركة الأسواق، ولعلّ استحقاقي العام الدراسي الجديد والانتخابات البرلمانية المقبلة يساهمان بتنشيط حركة السوق.
باختصار المرحلة الحالية تتطلّب مراجعةً للقرارات السابقة ومزيدًا من الحوافز ومزيدًا من التعاون لأن القادم ربما يكون أصعب!!
الدستور