حمى الانتخابات تتصاعد
تتصاعد حمى الأجواء الانتخابية بعد أن صدرت الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات، وتحديد الهيئة المستقلة للانتخاب الثلاثاء العاشر من تشرين الثاني القادم موعدا للاقتراع. مرشحون يعلنون خوضهم للانتخابات، آخرون يستمزجون، قيادات سياسية ومجتمعية منغمسة في تشكيل قوائم انتخابية، احزاب تنظم نفسها لخوض غمار الانتخابات… كلها تحركات سخنت المشهد الانتخابي، وبدأ المجتمع الأردني يتداول في قضايا سياسية من قبيل دور المجلس النيابي واهميته، ومن هو المرشح الأفضل، وما شكل المجلس القادم ودوره، وغيرها من الاسئلة السياسية والخدمية التي تفرض نفسها على المشهد الوطني.
تتميز هذه الانتخابات عن غيرها بأمرين: الأول، انها ثاني انتخابات تجري بالاستناد لنفس القانون بعد عديد من الانتخابات السابقة التي كانت في كل مرة تجري على أساس قانون انتخابي جديد، وثانيا، انها تجري في ظل ظرف وبائي استثنائي فرض نفسه على شكل واسلوب عمل الحملات الانتخابية فلا مهرجانات تزيد على عشرين شخصا ولا تقديم للاطعمة او الحلويات وهو ما يعد من التقاليد الاساسية للمقار الانتخابية. سيكون لافتا ان نرى كيف تتأقلم الاحزاب والمرشحون في ثاني انتخابات على اساس نفس القانون، والمعلومات تشير ان الحزب الأقوى تنظيما – حزب جبهة العمل الاسلامي – يسعى لتوسيع حضوره في البرلمان بعد ان تعلم من تجربته في الانتخابات الماضية. وسيكون مهما ان نلحظ ونراقب كيف سيتأقلم المرشحون مع إملاءات الوضع الوبائي، وهل سيكثفون حضورهم الميداني للتواصل المباشر، ام انهم سيطورون من حضورهم الرقمي والتواصل عبر الإنترنت.
إجراء الانتخابات فيه خير للدولة والمجتمع، ورسالة سياسية مهمة عن الأردن وقيمه وإيمانه بالإصلاح والتطور ومأسسة آليات الرقابة والتشريع بالمجتمع. غير صحيح على الاطلاق ان المجالس النيابية عديمة الجدوى وعبء على المجتمع، ولا يجوز التعميم والنيل من أحد أهم أركان نظامنا السياسي الممثل للديمقراطية البرلمانية. الحق القول ان البرلمان مؤسسة مهمة جدا لجهة عملها التشريعي والرقابي، ومهما كانت شعبية البرلمان منخفضة كما في كل دول العالم يبقى وجوده افضل بأميال من عدم وجوده، ويكفي القول ان لا حكومة لا تخاف وتحسب ألف حساب للبرلمان والجلوس تحت القبة مدافعة عن تشريعاتها وقرارتها. من هذا المنطلق، يجب بالفعل انتخاب الاصلح من قبل جمهور الناخبين، والاصلح لا يعني الاعلى صوتا ولا الأكثر نقدا، بل من يمتلك القدرة على القيام بالعمل الرقابي والتشريعي ويمتلك مقومات الاستقامة والنزاهة.
الكرة في ملعب الناخبين أفرادا ومؤسسات مجتمع مدني، في التمحيص بالمرشحين وسؤالهم عن برامجهم واهدافهم من خوض الانتخابات، ومساءلتهم عن سجل نزاهتهم وانحيازهم. الناخب الأردني بالعموم لا يرحم المرشحين، ولهذا فنسبة التغيير بالنواب تصل الى 70 % في دلالة على عدوم التجديد لغالبية اعضاء المجلس ومعاقبتهم على ادائهم، ولهذا فالاشهر الثلاثة القادمة ستكون حافلة بالأحداث السياسية والانتخابية المثيرة. المهم بالنهاية ان نبقي مصلحة بلدنا ومجتمعنا نصب اعيننا اثناء انتخابنا وان لا ننساق لخطابات وسلوكيات شعبوية غير بريئة.
الغد