الإشاعة والأمن المجتمعي في زمن كورونا
الاشاعة تؤثر مباشرة على الامن المجتمعي وخصوصاً إبّان عصر السرعة وزمن التواصل الإجتماعي المذهل، وزادت كثيراً في زمن كورونا بسبب كثرة إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي إبان الحظر والحجر وغيره؛ والمصيبة كثرة تناقل الناس للرسائل والإشاعات والفيديوهات والتسجيلات الصوتية والبيانات التي جُلها مفبركة، والتي سرعان ما تنتشر كالنار بالهشيم، وتأثير الاشاعة مباشر على الفرد والمجتمع.
الاشاعة قديمة وموجودة عبر العصور وفي كل الاوقات حيث حوادث الافك ومعركة أحد وغيرها، والحذر منها واجب في ظل التكنولوجيا الحديثة؛ والاشاعة حرب نفسية مدمرة للفرد والمجتمع والمؤسسات حيث الاثار النفسية وأدوات الفتنة والشرذمة والاتهام الجزاف للأبرياء ورجالات الوطن والدين والشخصيات العامة ومؤسسات وطنية محترمة، وحيث الدخول في أدق تفاصيل خصوصيات الناس.
وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها أججت وأسرعت إنتشار الاشاعات وغدت كالنار بالهشيم، وكنتيجة لسذاجة البعض والجهل أحياناً تصبح متداولة بين الناس؛ والبيئات الحاضنة للإشاعة حيث عدم توفر المعلومة من مصادرها وأصحاب الاختصاص، وحيث خوض البعض فيها وترديدها، وحيث الازمات والتحديات، وحيث بيئة الفقر والبطالة والثقافات المجتمعية المؤمنة بالقيل والقال.
فالاشاعة صناعة حيث المادة والزمان والمكان والمروجون والجهات المستهدفة، وبالتالي نحتاح لاستراتيجيات لكبح جماحها على كل الاصعدة؛ والاشاعة نتائجها مدمرة أكثر من الاسلحة الكيميائية لانها تفتك بالعقل والتفكير لا الجسد، ولا بد من فهم أسبابها ومسبباتها لوضع سبل للوقاية منها وكبح جماحها.
وسائل الوقاية منها تشمل التبين من حقيقتها والتثبت منها والتحليل الموضوعي والمنطقي لعدم قبولها، والتوعية من خلال المنابر الدينية والتعليمية والثقافية والسبابية وغيرها، إضافة لتطبيق القانون الرادع على مروجيها.
نحتاج لفكر تنويري ضد الاشاعة وإستراتيجية وطنية لدرء خطرها يشارك بها كل الجهات لغايات رفع الجرعة التوعوية والقضاء على حالة اللاوعي وربما الجهل عند البعض وخصوصا لفئة الشباب؛ ونحتاج لطرح الاستثمارات لفتح آفاق لفرص عمل تشغيلية للشباب والتي حتماً ستحل بعض المفاصل الرئيسة لتحدي الاشاعة؛ ونحتاج لسرعة الاستجابة من قبل الاعلام الرسمي والخاص لغايات توضيح الصورة الحقيقية حول أي قضية إشاعة لوضح حد للمتربصين بالوطن والساعين لتشويه إنجازاته لينالوا جزاءهم الرادع، ونحتاج لبناء الثقة بين المواطن والمسؤول.
ونحتاج لوقفة وطنية أساسها الثقة بقيادتنا الهاشمية والانتماء لوطننا الطهور والاعتزاز بأجهزتنا الامنية والمواطن الواعي لغايات القضاء على كل الاشاعات ودفنها وأصحابها.
وأخيراً؛ في زمن كورونا وبعد ذلك الاشاعة لا تنتشر إلا من خلال خاوو الفكر والساذجون، ونحتاج لحالة من الوعي لعدم تصديق أي إشاعة وخصوصاً في زمن الازمات، والمطلوب أن ننتهج منهج التبيّن والتثبّت والاستقصاء كي لا نكون مادة للإشاعة التي تفتك بالأمن المجتمعي.
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق- رئيس جامعة جدارا
الدستور