هيكلة الرواتب بين التطوير والتدمير!!!

تم نشره الأحد 08 أيّار / مايو 2011 01:18 صباحاً
هيكلة الرواتب بين التطوير والتدمير!!!
د. عبدالله محمد القضاة

شهدت مؤسسات الدولة ، في السنوات الأخيرة ، ترك العديد من الكفاءات الوظيفية لها ، سواء بالاستقالة أو الإجازة مقطوعة الراتب والتي على الأغلب تنتهي بالاستقالة ، وقد يعزى ذلك إلى عدم الرضا عن الرواتب والفرص المتاحة للتطور الوظيفي ، وعلى الرغم من الأثر المالي الذي ينعكس إيجابا على الموظف وبالتالي الدولة جراء عمله خارج البلاد ،إلا أن ثمة أثار سلبية، على الأمد البعيد لهذه الظاهرة؛ تبرز في حالة ارتفاع معدل دوران العمل ، ولعل من بين هذه الآثار التكاليف المالية الباهضة ، حيث تقدر جمعية الإدارة الأمريكية تكاليف دوران العمل بما يعادل 30%، من الأجور السنوية للموظفين ، وهناك تقديرات أخرى تصل بالتكاليف إلى 200 %، وفي العادة تكون معدلات دوران العمل في العمالة غير الماهرة أعلى من غيرها ولكن تأثير ذلك في أداء المؤسسة محدود لسهولة إحلالها بعمالة أخرى، ولكن المشكلة تصبح جدا خطيرة مع الكفاءات الوظيفية حتى وإن كان معدل دوران العمل فيها منخفضا، لأن المؤسسة تخسربفقدانهم التأهيل والتدريب والمهارة(الجدارات) التي يتمتعون بها، كما أن هذه الفئة عندما تترك العمل فإنها تذهب للعمل لدى دول اخرى وهذا يشكل ضررا كبيرا على الدولة التي خسرتهم من مؤسساتها مما يضعف ميزتها التنافسية على الصعيد الإستراتيجي.

 أما وقد عزمت حكومتناعلى إعادة هيكلة رواتب موظفي القطاع العام فإنها معنية بتبني إستراتيجية وطنية علمية وعادلة تتضمن رفع رواتب الموظفين؛ وبتركيز خاص على الكفاءات وذلك من أجل الحد من الخسائر المترتبة على فقدانها ولضمان المحافظة على الميزة التنافسية لمؤسسات الدولة وبالتالي قطع الطريق أمام أي منافس يحاول تقديم الإغراءات لإستقطاب كفاءاتنا الوطنية .
 إن هيكلة الرواتب تتطلب إجراء مسح دوري لها في سوق العمل الداخلي والخارجي ومقارنتها بالمستويات التي يتم دفعها وإجراء التعديلات المناسبة با لشكل الذي يجعل منها عامل جذب لا طرد للكفاءات الوظيفية، وفي هذا الصدد يمكن التوقف عن تسعير الشهادات ، والإتجاه نحو ربط الرواتب بالجدارات الوظيفية وتعديل أنظمة الموظفين بالشكل الذي يتيح لإدارة المؤسسات منح الزيادة الدورية والعلاوات  الفنية إضافة إلى منح  الحوافز للموظفين المبدعين لتميزهم عن ذوي الأداء المتدني ، واتاحة فرص التطور الوظيفي لهم وفق مايتناسب ومستواهم المهاري.
   وبالمقابل؛ يجب أن تتضمن هذه الإستراتيجية تخليص المؤسسات من حمولتها البشرية الزائدة ، سواء بانهاء خدمات غير المنتجين أوتجميد رواتبهم عند مستوى معين لدفعم لترك العمل برغبتهم أوإعادة بناء قدراتهم للإتجاه نحو مسار وظيفي جديد براتب جديد يتناسب مع هذه القدرات، وهنا تبرز الحاجة الوطنية إلى إعادة النظر بقانون الضمان الإجتماعي لإضافة نص يسمح لمؤسسات الدولة بإحالة الموظف على التقاعد إذا بلغت خدمته (25)عاما وتجاوز عمره الخامسة والخمسين، مع السماح له بالعمل الخاص مقابل شموله بتأمين إصابات العمل فقط، وهذه السياسة ستتيح لمؤسسات القطاع العام من الإستغناء عما يقارب(15) الف موظفا وبالتالي توفير فرص عمل للخريجين الجدد وبتكلفة قليلة؛ ناهيك من مساهمة هذه السياسة في الحد من الفقر من خلال إعادة المتقاعدين إلى مشاريع خاصة تدر عليهم دخلا وتساهم في تشغيل غيرهم من العاطلين .
 إن المساواة لاتعني العدالة، وعليه؛ فعلى الحكومة أن تتريث في دراستها، فالنظام الموحد لرواتب ومزايا موظفي القطاع العام لن يحقق العدالة إذا ساوى بين رواتب جميع موظفي القطاع العام، ذلك أن المؤسسات تختلف في طبيعة أعمالها ودرجة الصعوبة في إنجازها، فالمطلوب تصنيف للمؤسسات وفق معايير موضوعية؛ مع ضمان المحافظة على الحقوق المكتسبة للعاملين، وأن تتضمن الهيكلة رفع الرواتب وليس تخفيضها!!!.

  نتطلع إلى إصلاح وتطوير جذري يلبي المصلحة الوطنية العليا، ولا يسهم في تدمير الطبقة الوسطى وتحت شعار التطوير!!!، وإذا حصل غير ذلك؛ فعلى حكومتنا أن لا تتفاجىء إن وجدت معظم كفاءاتنا الوطنية قد تركت العمل وهاجرت للدول الأخرى؛ وبقيت مؤسساتنا الوطنية تندب حظها على مصيبتها الأليمة !!! .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات