لبنان وحزب الله وامريكا
منذ اللحظة الاولى التي وقع فيها انفجار بيروت ، كنا نتوقع أن لا يحدث شيء " سياسي " البتة ، وما صرحت به الولايات المتحدة مؤخرا عن أن المساعدات ستصل لبنان بوجود حزب الله في السلطة او بدونه دليل حاسم .
مبدئيا ، يفترض تقديم المساعدات للبنان وفورا ليخرج من مصائبه التي باتت لا تعد ولا تحصى ، ولكن الشعب اللبناني الجريح الذي سيجبر على التعاطي مع نفس الطبقة السياسية التي دمرت البلد لم يعد يقوى على تحمل المزيد من الانتكاسات ، ونعتقد بأنه لو اتيح للبنانيين الخروج من جحيم بلدهم لأصبحت البلد خاوية على عروشها باستثناء الميليشيات وزعماء الحرب من مختلف الطوائف والملل والنحل ، ولقد شاهدنا لبنانيين يعلنون بأنه لا أمل في الاصلاح وبأنهم سيغادرون ارض آبائهم واجدادهم التي يعشقون ، مجبرين غير مخيرين .
عندما يخرج نصر الله زعيم ميليشيا ايران المسلحة في لبنان ويخاطب انصاره عبر بث مباشر نقلته شبكات التلفزة بأن عليهم ان لا يسكبوا ماء على غضبهم لأنه قد يحتاج لهذا الغضب ، ونشاهد تبعا لذلك قرار المحكمة الخاصة يتساوق مع المشهد ويقرر براءة الحزب " كحزب " من تهمة اغتيال الحريري بدعوى أن المحكمة تنظر في الاشخاص لا في الكيانات ، ووفق لائحة الدعوة ، وايضا : عندما يهاتف ماكرون ترامب ويطلب منه التعاطي مع حزب الله ، وما يعلن عنه من مواقف مختلف القوى التي تأبى المغادرة ، ندرك تماما بأن الحزب تمكن من الانتصار هذه المرة ايضا ، حتى بعد ادانة المحكمة احد قادته بالاغتيال ، وبعد انفجار الامونيوم الذي كان يخزنه في الميناء ، وهو لا يزال متحكما في القرار السياسي ويعلن بأن اي حكومة تكنوقراط غير سياسية لن تمر .. ومن هنا ، ندرك بأن اللبنانيين وقع ويقع عليهم ظلم عظيم بتواطؤ من الدول العظمى التي تزعم أنها تصنف الحزب حزبا ارهابيا ، وفي نفس الوقت فإنها تقدم المساعدات لحكومة يشغل الحزب وزارات فيها ويتحكم بمسار كل دولار في خزينتها ، وما يقال عن أن منظمات اهلية ودولية ستتولى الامر ليس سوى ادعاء نظري يكذبه الواقع المر .
اي مسخرة هذه أكبر من هذا الذي يجري في بلد يحكمه حزب مسلح ، والمصيبة انه يفعل ذلك بمساندة من التيار العوني الذي بات مكشوفا الآن ، وفاقدا لأهلية القيادة وأدى انفجار المرفأ الى خسارته ثلث شعبيته .
" كلن يعني كلن " شعار ، بل حلم كان بعيد المنال نعم ، ولكنه بات مستحيلا الآن ، شعار نادى به كل اللبنانيين ، ولكنه - للاسف - طبق بشكل معاكس على الذين رفعوه ، أما امراء الحرب والطوائف فإنهم سيبقون ويتضخمون ويتوارثون إلى أن يخرج من أصلاب اللبنانيين قادة حقيقيون يحبون لبنان دونما أي اعتبارات ، ولعل هذا يتطلب اجيالا من الترقب والانتظار .. واحتراق القلوب .
جى بي سي نيوز