أفعال لم تكن موجودة
بقوة قُرع الباب .. باب مدينتا .. في الداخل جموع كثيرة من الناس. بعضهم أراه لأول مرة !
هنالك ومن على سطح البيت وقفت أراقب عقارب الزمن في نفس المكان المنزوي الذي لم يتغير منذ أكثر من نصف قرن تقريباً . منذ الصغر أقف أمام المنزل كلما أردت أن أتلذذ بقراءة دواخل النفس الإنسانية ومشاهدة الطيب من الخبيث والحب من الكره لحظة تسابق لحظة أقف هنالك أراقب من بين الياسمين واللبلاب أحداثاً عامية في شوارع منسية . اقتربت العاشرة ليلاً حيث صارت مني نظرة إلى القمر الفضي عندما كاد أن يختفي من بين أشجار السرو رويداً رويداً . عندما كان الجو صافي حيث الهواء العليل كان يسود المنطقة.. لحظة دون تجميع للموقف ماذا حصل ؟ وإذا بشيء لم أره من قبل . الناس دون تمييز يقتحمون المكان كيف ظهروا ! ومتى ظهروا ! لا أعرف !! هذا الشيء الذي دعاني لكي أسجل في وقت متأخر من الليل كل ما رأيته خوفاً من أن يأتي اليوم الذي يتم فيه هدم المدينه . حيث أسطعت أن أتذكر القول بأن الصراع يأخذ طابع العنف من أجل الهدم وليس البناء وهذا الصراع ينبع من نزعة الشر القابعة في أعماق الإنسان التي تثأر عندما تغيب في داخل الإنسان مفاهيم المحبة والعدل والحق والتسامح والتفكير العقلاني فيصبح إنساناً عدوانياً يميل إلى الوحشية ويقترب بتكوينه إلى تكوين الحيوان المفترس المجرد من التفكير .
لقد كرم الله عز وجل الإنسان بنعمة التفكير والعقل وميزه بذلك عن باقي مخلوقاته وفي ذلك حكمة ربانية عظيمة لها أهداف تعليمية واجتماعية وروحية تتجلى بأن الإنسان له مهمات متعددة على الأرض ومن أهمها البناء وليس الهدم . بناء أسره متوازنة وصالحة مما سيؤدي إلى مجتمع فعال تسوده روح المحبة والعمل والتعاون وليلعب دوراً مهما في تطور البشرية وازدهارها وأن يضيف للعالم إضافة نوعية وخيرة في أي مجال من مجالات العلم والمعرفة والآداب والفنون . وبذلك يكون مجتمعاً له خصائص وهوية وأهداف نبيلة تصب في مصلحة البشرية جمعاء.
