بيان صادر عن مركز الحرية حول مشروع برقش

المدينة نيوز - خاص - أصدر مركز الحرية للتنمية و حقوق الانسان بيانا حول مشروع الكلية العسكرية الذي سيقام على اراضي برقش تاليا نصه :
إن مركز الحرية للتنمية و حقوق الانسان و من ضمن اهتمامه في مراقبة الحريات العامة و احترام حقوق الانسان في المملكة بما ينسجم مع القوانين المحلية و الاتفاقيات الدولية و الاعلانات العالمية حول حقوق الانسان في مختلف المجالات ، و لما كان حق الانسان في الصحة العامة و الحياة في بيئة صحية توفر شروط الحياة الملائمة للإنسان هو حق كفلته الشرائع السماوية و الاتفاقيات الدولية و القوانين المحلية ، فإن المركز يتابع باهتمام بالغ الجدل الدائر حاليا حول مشروع الكلية الملكية العسكرية في منطقة برقش.
إن المركز و إذ يؤكد أن غابات برقش هي ثروة وطنية يحتاجها الأردن و أجياله القادمة ، و هي ثروة محمية بموجب قانون الزراعة رقم 44 لعام 2002 ، بالإضافة الى كونها تشكل جزءا رئيسيا من الغطاء الحرجي للمملكة الذي يغطي ما لا يزيد عن 1% من أراضي المملكة ، فإنه يذكر بأن الأمم المتحدة قد أعلنت عام 2011 عاما للغابات ، في مساهمة من المنظمة الدولية لحمل الحكومات و المجتمع الدولي على حماية الغطاء الأخضر العالمي من الزحف الاسمنتي حفاظا على البيئة . كما يستحضر المركز أرقام الدراسات العالمية ، و التي يشار إليها أحيانا ضمن منشورات وزارة الزراعة الأردنية ، و التي تفيد بأن الحد الأدنى المقبول للغطاء الحرجي الذي يكفل بيئة سليمة و محمية من التلوث في أي بلد هي 6% من المساحة الكلية فيه.
و من هنا ، و بعد الاطلاع على حيثيات المشروع ، و كيفية تطور خطوات تنفيذه ، و بعد الاطلاع على التصريحات المؤيدة و المعارضة له ، فإن المركز يؤكد ما يلي :
أولا: إن المشروع يتعارض نصا و روحا مع قانون الزراعة الأردني لعام 2002 و الذي ينص في المادة رقم 28 – أ على ((لا يجوز تفويض الاراضي الحرجية الى أي شخص او جهة او تخصيصها او بيعها او مبادلتها مهما كانت الاسباب))، و عليه فإن إنشاء الكلية بموجب تفويض من مجلس الوزراء للكلية أو للقيادة العامة للقوات المسلحة بضفتها المالك للكلية لا يستوفي الشروط القانونية لتعارضها الصريح مع نص القانون.
كما أن النية المزمعة في تقطيع الأشجار الحرجية سواء كانت 2200 شجرة حسب الاعلانات الأولية للمشروع أو 300 شجرة حسب الإعلان المعدل و المخططات المحدثة للمشروع تتعارض مع نص القانون المذكور أعلاه في المادة 35 – ب و التي تنص على (( يحظر قطع أي من الاشجار الحرجية المعمرة او النادرة والنباتات البرية المهددة بالانقراض او اتلافها او الاعتداء عليها باي شكل من الاشكال)) و التي حظرت الاعتداء على الأشجار الحرجية المعمرة على الاطلاق و لم تشترط موافقة الوزير على القطع كما في حال الأشجار المثمرة المعمرة في الفقرة اللاحقة من القانون.
ثانيا: إن تبرير المشروع بأنه من المشاريع الانتاجية التي تحقق التنمية المستدامة للواء الكورة و منطقة برقش و البلديات المحيطة ، يكاد يكون بعيدا عن أي دراسات إقتصادية منطقية ، حيث أثبتت التجربة في الأردن و غيره أن المشاريع الأكاديمية العسكرية هي من المشاريع المُقيّدة من حيث طبيعة الوظائف ، و من حيث احتكاك الدارسين في الاكاديمية الداخلية مع المحيط الخارجي ، هي من المشاريع التي لا تحقق التنمية المستدامة للمجتمع المحلي مع إيماننا بالاهمية الاستراتيجية للكليات العسكرية.
و مع تقديرنا العميق ، و إيماننا البالغ لدور القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي في تحقيق التنمية الوطنية المستدامة في العديد من المشاريع الانتاجية و المبادرات الخلاقة التي دأب الحيش العربي على إطلاقها على مدى السنوات ، إلا أن مشروع الكلية العسكرية ليس مشروعا إنتاجيا يوفر فرص العمل للمجتمع المحلي ، فحاجة الكلية العظمى هي للمدربين العسكريين المحترفين ، و حتى في مجال الخدمات المساندة فإن كوادر القوات المسلحة هي الأقدر و الأكثر احترافا في تقديم الخدمات اللوجستية للمشروع أينما كان موقعه.
وعليه فإن المركز لا يرى الفائدة التنموية المرجوة من المشروع التي تعود بالنفع على المجتمع المحلي و تطويره سياحيا و إنتاجيا ، بل على العكس فإن تحويل المنطقة الى منطقة عسكرية مغلقة بحسب طبيعة المشروع يؤثر على القدرات التسويقية السياحية للمنطقة و على دمج المواطنين فيها.
ثالثا: إن المرونة التي أبداها القائمون على مخططات المشروع في التجاوب مع مطالب الجمعيات البيئية و لجنة الزراعة النيابية في تغيير المخططات من قطع 2200 شجرة الى 300 شجرة هي مرونة مقدرة ، لكنها تدعونا الى التساؤل حول إمكانية الابتعاد نهائيا عن قطع الأشجار الحرجية عبر مزيد من التعديلات على المخططات و الاكتفاء باعتبار الجزء الحرجي من الاراضي المستملكة للمشروع منطقة تدريبية لعمليات محددة تتفق عليها الاطراف و لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على سلامة هذه الأشجار التي يزيد عمرها عن 500 عام ، و بناء كل الأبنية و مشاريع البنية التحتية بعيدا عن المنطقة الحرجية و من ضمن مناطق أخرى من البلدات المحيطة بموقع المشروع الحالي ، في حال كان من ضمن متطلبات الكلية التدرب في الغابات.
كما إنه لمما يدعو الى التساؤل حول جدوى إقامة المشروع في الموقع بعد ما ورد في بيان القوات المسلحة الأردنية حول التعديلات التي تمت على المشروع و إلغاء بعض من مرافقه مثل مهبدط الطائرات العمودية و بعض طرق الخدمات و الطرق الداخلية بين أقسام الكلية و نقل بعض المباني الى مناطق خارج حرم المشروع فإننا نرى أنه من الأنسب نقل باقي المرافق التي بقيت مكانها الى مواقع جديدة تحافظ على وحدة المشروع بعيدا عن الأشجار الحرجية .
رابعا : إن المركز و إذ يلاحظ أن جميع الهيئات و المنظمات الوطنية و الجمعيات غير الحكومية المعنية بالشأن البيئي - و التي أثبتت صدقيتها ووعيها الوطني على مدى السنوات السابقة - قد عارضت إقامة المشروع في هذا الموقع بالذات نظرا لأثره البيئي و من ضمنها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة ، و جمعية البيئة الأردنية ، و الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة و عشرات المنظمات المشهود لها بالكفاءة و التي تزخر بالكفاءات البيئية و الخبراء في هذا المجال ، بالاضافة الى الغالبية العظمى من النشطاء في هذا القطاع ، و انضمام النقابات المهنية لهذه الحملة ، فإن المركز يؤكد مساندته لهذه الجهود الوطنية الخيرة في تغيير موقع المشروع.
كما أن المركز يستغرب الموافقة على إقامة المشروع ، و بنفس الوقت عدم الموافقة لبلدية برقش على إقامة مشروع سياحي في موقع آخر من غابات برقش عى مساحة 56 دونما و لا يتضمن أي قطع للأشجار أو اعتداء عليها بهدف إقامة متنزه سياحي منتج و تعليل الرفض بتعارضه مع نصوص قانون الزراعة في مسألة تفويض الأراضي.
كما يستغرب المركز تعارض دراسات وزارة البيئة – التي لم يتم نشرها – و التي أشارت اليها التصريحات الرسمية بأن المشروع يستوفي شروط دراسات الأثر البيئي مع جميع تصريحات الخبراء البيئيين المحليين في الأثر البيئي لقطع الاشجار ، و عليه فإننا ندعو لنشر هذه الدراسة ليتسنى للخبراء إبداء الرأي حولها.
خامسا : أخيرا فإن المركز يؤكد انحيازه الأكيد للدعوات المتكررة و الكثيرة لحماية غابات برقش بناء على المحاور الواردة أعلاه ، و يدعو المواطنين من شتى أنحاء الأردن و خاصة مواطني منطقة برقش و ما حولها إلى الانضمام الى هذه الحملة و النظر الى هذا المشروع من زاوية المتفحص و بإسناد من الدراسات و القراءات العلمية كما يدعو وسائل الاعلام و الكتاب ممن بادر و دعم الحملة و الكتاب الذين لم ينضموا حتى الان الى تكثيف الحملات الاعلامية الهادفة الى حماية ثروتنا الحرجية من الاعتداء الاسمنتي السافر بينما هناك العديد من المناطق و الأراضي الجرداء المملوكة للخزينة التي تتنتظر مثل هذه المشاريع الهامة.
مركز الحرية للتنمية و حقوق الانسان
عمان