الترشيد والترشيق أساس التقدم
الاردن يتهيأ لدخول مرحلة جديدة..من حكومة ووحدات مستقلة الى مجلس النواب التاسع عشر في ظل فيروس كورونا الذي بدأ ينتشر ويقطع الاوصال ويهدد تعافي الاقتصاد وقد يؤزم المجتمع الذي عاني خلال الستة اشهر الماضية، فالمرحلة المقبلة تحتاج الى ترشيد النفقات الحكومية بشكل مؤثر واخذ قرار شامل لالغاء عدد من الوحدات المستقلة واعادتها الى وزاراتها والابقاء على عدد محدود منها، فالاقتصاد لايحتمل اكثر فالترشيد المالي وترشيق المؤسسات المستقلة هو اساس التقدم في ظل ظروف شديدة الصعوبة والتعقيد.
هذه المقدمة مهمة لدى الاطلاع على اداء وعدد الوزراء في حكومات غربية واوروبية وامريكا، وكيف تدار في الاردن الحكومات وتشكيلاتها، اذ يمكن الاستفادة مما يجري في العالم فالمطلوب ليس اعادة اختراع العجلة وانما استخدمها بشكل جيد لتحسين الاداء العام والافلات مما نحن فيه من عناء واختلالات مزمنة، فالحلول دائما موجودة اذا تم تحسين التطبيق لهذه الحلول واعادة دراسة مدى نجاحها وفق معايير الرقابة، وهذا الدور يفترض ان يقوم به نواب الشعب الى جانب مهام اخرى.
وعلى سبيل المثال يبلغ عدد الوزراء في الحكومة الامريكية 15 وزيرا، ويقدر تعداد السكان بـ 345 مليون نسمة، ويتجاوز الناتج الاجمالي 20 تريليون دولار، ومتوسط نصيب الفرد 67 الف دولار سنويا، وفي سويسرا يبلغ يبغ عدد الوزراء 8 وزراء الى جانب رئيس الوزراء، ويقدر الناتج الاجمالي 700 مليار دولار، ومتوسط حصة الفرد من الناتج الاجمالي 79 الف دولار سنويا، ويبلغ تعداد سكان سويسرا 8.5 مليون نسمة، وان 38 ٪ من صادراتها من قطاع الادوية، وهناك الكثير من الحالات التي تعتمد ترشيد النفقات وكذلك ترشيق عدد الوزارات والوزراء بهدف حماية المال وتقليص عجز الموازنة وكبح الاقتراض.
قد يكون الوقت غير مناسبا للحديث عن تضخم عدد اعضاء مجلس النواب وتدني فعالية السابق، فعدد النواب ليس معيارا من معايير الكفاءة والانجاز، وفي نفس الاتجاه فان حكومة د.الرزاز بتعديلاتها المختلفة لم تستطع الوفاء بكل تعهداتها، ونأمل يوما ليس ببعيد ان نرى حكومة رشيقة لا يتجاوز عددها الحكومات في امريكا وسويسرا، فالأداء والانجاز غير مرتبط بعدد وزراء الحكومات، وانما بالبرامج والابداع على تنفيذها وفق كتاب التكليف الملكي.
ثلاثة ارقام ونسب مالية لا يمكن الاستمرار بها ..موازنة الدولة ( والمؤسسات ) تتجاوز 11 مليار دينار سنويا، وناتج محلي اجمالي بحدود 31 مليار دينار، وموازنة عامة تقدر بـ 35 ٪ نسبة الى الناتج الاجمالي، ودين عام ( داخلي وخارجي ) يتجاوز 43 مليار دولار، فهذه الارقام تشير الى مكامن خطر حقيقي لذلك علينا تخفيض اية نفقات عامة للمساهمة في عقلنة هذه المؤشرات الصادمة، فهذه اولوية لا تقل اهمية عن مواجهة الجائحة.
الدستور