الارتخاء والتجاوز يدمي قلوبنا
الارتفاع الكبير في اعداد الوفيات الناجمة عن الاصابة بفيروس كورونا المستجد كوفيد19 شكل انعطافا مؤلما يكشف عدم الاستعداد للاسواء مع انتقال العدوى الى الدول والشعوب، اذ لم تقم السلطات المختصة بما يجب القيام به لتجنيب الاردنيين من الوباء اللعين الذي يجتاح العالم، وبعد اشهر على نجاح الاردن في منع التفشي وبلوغ صفر من حيث الاصابات والوفيات .. الى دولة من اكثر دول العالم معاناة وفقدان احباء، وكشفت هذه التطورات مدى الارتخاء في سلاسل المنظومة الصحية في القطاعين العام والخاص خلال الشهرين الماضيين.
فاز القطاع الطبي الاردني خلال السنوات الماضية بقصب السبق في تخصصات طبية نوعية واصبحت المستشفيات وأطباء الاختصاص مقصدا لمرضى اقليميا واتسع نطاق الاستثمارات في القطاع، الا انه سجل انحرافات مؤلمة بشكل عام حيث انحازت غالبية المستشفيات وأطباء الاختصاص الى تحقيق الارباح، واصبحت الاقامة في غرفة المستشفى اغلى من الاقامة في افضل فنادق الدرجة الاولى، وتمادى البعض على المرضى وربط تقديم حتى خدمات الاسعاف والطوارئ بتقديم دفعة مالية تحت الحساب..والحديث عن هذا الامر يطول بشكل مقيت وهو بعيد كل البعد عن انسانية مهنة الطب واهدافها.
وبالعودة الى الجائحة والتعامل مع المصابين نجد اننا امام تناقضات كبيرة حول المعلومات ففي الوقت يعلن مسؤولو القطاع الطبي العام والخاص ان اشغال المستشفيات لا زال مطمئنا ولا يصل الى 60 ٪ من طاقة القطاع على استيعاب المرضى، الا ان الحصول على سرير لدى المستشفيات غير سهل اضافة الى إيداع مبلغ مالي كبير.
اما من يتم ادخالهم الى غرفة العناية الحثيثة فان حسب ارقام معلنة ان مريضا واحدا ينجو من اصل عشرة مرضى وهي من اعلى النسب الاقليمية وربما قد تكون الاعلى عالميا، وهذا ما يفسر ارتفاع اعداد المتوفين يوميا بالعشرات وبالمعدل اكثر من 65 حالة وفاة مؤخرا، فقد غيب الموت عددا من العاملين في القطاع الطبي (رحمهم الله جميعا ) الامر الذي بث الرعب في اوساط الاردنيين، ورسم صورة صعبة لصورة القطاع الطبي والخدمات المقدمة في الاردن.
تأخرت القطاعات الطبية في معظم دول العالم خلال النصف الاول من العام باستثناء الصين، والسبب مدى سرعة مواجهة استحقاقات الجائحة وتحديدا حماية حياة المرضى المحتاجين لاجهزة التنفس الصناعي، الا اننا لم نواجه هذا التحدي خلال الاشهر الماضية وتوفير متطلباته ليس بالنسبة لعدد الاجهزة وانما الكوادر البشرية التي تشرف عليها، لذلك نرى تسارع اعداد المتوفين..اليوم نحن امام منحنى ربما يكون الاكثرة خطورة ان لم نقم على عجل بتوفير الكوادر المدربة للتعامل مع اجهزة التنفس الاصطناعي واطباء الاختصاص ..وهذا متاح في دول متقدمة في هذا المجال منها الصين والهند...اما مسألة تحويل بعض مستشفيات القطاع الخاص الجائحة لتحقيق الارباح تطرح لاحقا وبالوثائق.
الدستور