وول ستريت تتجه لـ «فقاعة جديدة»
بتفاخر غير محمود العواقب قال الرئيس الامريكي دونالد ترمب في اقصر مؤتمر صحفي له مساء امس ان سوق الاسهم الامريكية كسرت حواجز غير مسبوقة وسجلت ارقاما قياسية حيث تجاوز مؤشر الاسهم الصناعية داو جونز 30000 نقطة، ونسب الى هذا الإنجاز لفترة حكمة خلال السنوات الاربع الماضية، في إشارة الى إنجازاته المالية القياسية برغم جائحة فيروس كورونا المستجد التي ارهقت الولايات المتحدة الامريكية خلال الاشهر الماضية.
الارتفاع القياسى لمؤشر داو جونز لا يعكس سلامة اداء الشركات الصناعية الامريكية.. النفط والطاقة والقطاع المصرفي والسياحة وصناعة النقل الجوي وشركات الخدمات، فقد ارتفعت البطالة الى مستويات عالية بلغت اكثر من 20 ٪، وهي ضعفا ما سجل في العام 2009 عقب الازمة المالية العالمية، وارتفع المتعطلون عن العمل عن 40 مليونا، واصحاب هذه الارقام تتحول الى طالبي الاعانة الحكومية حيث سجلت الموازنة الامريكية اضخم عجز مالي في تاريخ البلاد وتجاوز 3 تريليونات دولار.
التعافي الزائف لمؤشرات الاسهم الامريكية يمهد الطريق لانفجار فقاعة جديدة في اسواق الاسهم الامريكية التي سجلت في العام 2005/ 2006 عندما تضخمت اسعار الرهونات العقارية بشكل جنوني، وخلال ليلة واحدة تحول اصحاب ثروات الى فقراء مديونين للبنوك، هذا الصعود الشاهق لمؤشرات الاسهم يشير الى ان القسم الاكبر من اموال دعم الاقتصاد والمواطنين الامريكيين المقدرة بـ 3.5 تريليون دولار ذهب للبنوك والمراكز المالية، لذلك هناك قطاعات اقتصادية ومشاريع مهمة لم تحصل على قروض وتسهيلات من هذه الاموال.
بإستثناء قطاع التكنولوجيا لم يسجل تحسن حقيقي إذ ارتفعت القيمة السوقية لخمس شركات هي ( امازون، ابل، جوجل، فيس بوك، مايكروسوفت ) ناهزت قيمتها السوقية 6.5 تريليون دولار، وشكلت رافعة مهمة لرفع اسواق الاسهم يضاف اليها شركات ادوية في مقدمتها فايزر التي اعلنت وشريكتها بايونتيك نية طرح لقاح للوقاية من جائحة فيروس كورونا المستجد / كوفيد 19، الا ان كبريات شركات النفط، صناعة الطيران، وشركات الخدمات كلها تعاني بشكل كبير، وان الاقتصاد الامريكي يتجه الى نمو سالب هذا العام.
الارتفاع الشاهق لمؤشرات اكبر بورصة في العالم ( وول ستريت ) يضع الرئيس المنتخب جو بايدن وإدارته امام تحديات كبيرة لمنع انزلاق مؤشرات الاسهم من جهة وإعادة الاقتصاد الامريكي الى التعافي من جهة اخرى، لذلك من المرجح ان تطلق إدارة بايدن رزما مالية جديدة لا تقل عن تريليوني دولار توجه للقطاعات الاقتصادية بالدرجة الاولى لتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلية في مقدمتها توفير فرص عمل جديدة، وإعادة صياغة اكثر مرونة للعلاقات التجارية بين امريكا ودول العالم..الطرح الاخير لـ دونالد ترمب غير منصف ويضر بالاقتصاد الامريكي ويمهد الطريق إن لم يعالج الى فقاعة جديدة في الاقتصاد الامريكي.
الدستور