البيان الوزاري واقعي ومرجعي!
وفقاً لأحكام الدستور الأردني فإن حكومة الدكتور بشر الخصاونة مطالبة بتقديم البيان الوزاري وطلب الثقة خلال 30 يوماً من تاريخ اجتماع المجلس وتحديداً المادة 53 – 5، أي أننا مقبلون خلال الاثني عشر يوماً القادمة على بيان ستقدمه الحكومة لممثلي الشعب أعضاء مجلس النواب تطلب على أساسه أن ينالوا ثقتهم.
المتتبع للبيانات الوزارية المتكررة يجد أنها في أغلب أحيانها تأتي كصيغ إنشائية لا تحمل في طياتها خططا عملية شمولية واضحة المعالم، حيث لوحظ خلال الحكومات الأخيرة أن بعض البيانات الوزارية لأكثر من حكومة متقاربة من حيث المضمون وآلية التفكير والبناء، وهذا ما يساهم بشكل أساسي في إضعاف ثقة المواطن بالحكومة وتدشين المطالبات برحيلها أو تعديلها وتنسحب هذه المطالبات بالعادة على مجلس النواب.
اليوم حتى نستطيع الخروج من المربع الأول ونبدأ نهجاً جديداً من جهة الحكومة والبرلمان على حدٍّ سواء لا بد لنا أن نرى بياناً وزارياً ينسجم وحجم التحديات التي تواجهها الدولة الأردنية بمختلف أنواعها سياسياً أو اقتصادياً وحتى اجتماعياً، وهذا يتطلب أن يكون البيان المقدم واقعياً وليس طموحاً لدرجة تخيب الآمال بفترة زمنية قصيرة، وذلك بسبب عدم تطبيق ما جاء بالبيان، كما لا بد من أن يتم بناء البيان على أساس الوضوح والشفافية وضمان وجود خطة واضحة المعالم محددة بأطر زمنية يتم على أساسها تكريس المحاسبية من قبل ممثلي الشعب إذا لم يتم الإيفاء بها، كما يتوجب أن يحتوي البيان الوزاري على خطط حقيقية لمواجهة الآثار السلبية التي نتجت عن جائحة كورونا ولكن لا أن يرتكز البيان على هذه التحديات ويتم نسيان باقي التحديات التي تعصف بالدولة الأرنية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
الحكومة اليوم ممثلة برئيسها وأعضاء مجلسها مطالبة بشكل أساسي بإعادة بلورة خارطة طريق يتشارك بها الأطراف ذوو العلاقة وذوو الخبرة وأصحاب المصلحة من خلال مبدأ قائم على التشاركية وعدم الإقصائية والاستماع إلى الآراء المختلفة من كافة الأطراف، أيضاً الحكومة يجب أن تقدم ضمانات حقيقية لمجلس النواب لتطبيق الخطة التي يتضمنها البيان الوزاري حتى يتسنى لأعضاء المجلس أن يقيموا هذه الضمانات ومدى انسجامها مع الوضع الأردني، على اعتبار أن البيان هو الأساس لرقابة النواب على الحكومة وهو الذي يشكل ميثاقاً قانونياً وأخلاقياً لكلا الطرفين.
الدولة الأردنية وبكل أمانة لا تملك الرفاهية الزمنية ولا السياسية اليوم لتكرار أي أخطاء سابقة وسلوك نهج التسويف وترحيل الأزمات للحكومات القادمة، لأن الظرف اليوم يختلف عن أي ظرفٍ سبقه في حيثياته ومكوناته والقدرة على التحمل، وعلى الحكومة أن تستذكر دوماً أن المواطن الأردني واعٍ ويدرك بأن ما قدمته الحكومة ينسجم مع تطلعاته ويمكن للحكومة أن تنفذه وتفعل ما جاء به لا أن يندرج البيان تحت تصنيف القول من أجل القول فقط.
وأخيراً؛ رغم أننا ندعو الحكومة لتقديم بيان وزاري ينسجم مع متطلبات المرحلة، لا بد أن يناقش أعضاء مجلس النواب البيان من منظور معرفة الأولويات والتحديات والابتعاد عن الشعبويات، كما لا بد أن يكون النواب منسجمين في مناقشاتهم وخطاباتهم مع متطلبات المرحلة والابتعاد في خطاباتهم عن الخدمات المناطقية التي لا تساهم إلا في تكريس منظور النائب الخدمي في عقلية المواطن الأردني والابتعاد عن الدور الحقيقي في المراقبة والتشريع والوصول لنائب الوطن لا نائب المنطقة.
الدستور