ثقافة القفز وديكور الجسور
ليست فقط ديكوراً أو إكسسواراً يزيّن شوارعنا الهادرة كأنهار من السيارات. جسور المشاة منصات إعلانية للوحات وبوسترات وصور عريضة، ومرتع للقطط السائبة، وملاذ آمن للمشردين. جسور المشاة لدينا أقرب ما تكون شبهاً بغرف الضيوف الواسعة المؤثثة في غالبية بيوتنا: لا يطرقها زائر في السنة إلا مرة أو مرتين.
لا أريد أن أقترح على أمانة عمان وباقي البلديات أن يستخدموا الجسور لتنشيف الملوخية والنعنع والمريمية والبرغل، كما هو الاستخدام الاستراتيجي لغالبية غرف ضيوفنا. بل أريد أن يعاد النظر في وجود هذه المنشآت المكلفة في ظل العزوف عن ارتيادها، وشيوع ثقافة القفز عن الأسيجة الحديدية في قطع الشوارع.
أحد الأصدقاء يرى أن المواطن البسيط يعجبه أن يقفز فوق السياج حتى ولو كان هذا خطرا، لأنه يشعر أن هذا هو المكان الوحيد الذي يستطيع أن يمارس فيه القفز بكل حرية واطمئنان. وهو يشعر بالنشوة والانتصار باختصار المسافات، وتوفير عناء صعود أدراج جسر المشاة المرهقة.
مع أن مثلنا الشعبي يحثنا على أن نمشي دهراً ولا نقطع نهراً، إلا أن قلة قليلة من مشاتنا يستخدمون الجسور لعبور الشوارع بأمان. والأكثرية يفضلون أن قطع نهر سيارات الهدّار من أي مكان هم فيه، حتى تلك الأماكن التي يتوفر فيها جسر فوقهم.
الأسبوع الماضي تعرضت شابتان للدهس في شارع المدينة المنورة الغاص بالسيارات والمطاعم والمولات. والمؤلم أن هذا الشارع تتباطئ فيه حركة السيارات بفعل عشوائية قطع الشوارع من قبل المشاة. ولولا لطف الله لكان لدينا عشرات حالات الدهس يوميا.
المحزن أن المطاعم الكبيرة ومحلات الحلويات التي بسببها يتهافت الناس إلى هذا الشارع لم تفكر يوما في تحمل مسؤوليتها الاجتماعية والمساهمة بإنشاء جسور كهربائية فوق هذا الشارع قد تكون حلا طيبا يخفف من هذه الظاهرة.
البعض يرى البعض أن الجسور لا تتلاءم مع كثير من الناس خاصة كبار السن. وأن الأنفاق ربما تكون أنسب. ولكن الأنفاق الموجودة لدينا تعاني ذات الهجران الذي تعانيه الجسور. المشكلة فينا كمشاة إذن، وفي هندسة الشوارع التي لا تفرض كثيرا من مناطق المعابر الآمن لنا.
أحدهم يعلق أن في قانون السير ما يجيز مخالفة المواطن الماشي إذا ما قطع الشارع في غير الموضع المخصص. ولكن العرف السائد فينا أن الحق دوما على السائق. حتى ولو رمى مواطن نفسه من عمارة، وسقط على سيارتك فالحق عليك.
الدستور