قانون الانتخاب.. أبعد من هذا!
بلا شك ان قانون الانتخاب من ابرز عناوين ومفاتيح الاصلاح السياسي. ولا يجدي اي حديث عن نهوض واصلاح سياسي دونما قانون انتخاب توافقي ويراعي الواقع السياسي والاجتماعي الاردني.
و الحوار والتوافق على قانون الانتخاب اردنيا لا يتم عبر القنوات الحزبية والمجتمع المدني، وحسب. والاغلبيات الافتراضية التي تاتي من خارج الارادة الشعبية، والبعيدة كل البعد عن المزاج السياسي الشعبي العام.
ولذلك فان اول ما ينبغي بالنسبة لاي مشروع قانون انتخاب الموازنة بحساسية بين تطوير ادوات العمل السياسي والتمثيل السياسي والنيابي العادل، والابتعاد عن الافتراض الوهمي لقوى تمثيل الاغلبية، وهذا ما تضمره قوى سياسية تدعي اتساع امتدادها ونفوذها شعبيا، وقوى «بزنس « تمارس الاستغلال والابتزاز السياسي، وبمعنى التخلص كليا او بالتدرج من نظام القوائم الانتخابية.
من وجهة نظري البسيطة والمتواضعة، فان اي قانون انتخاب من الواجب ان ياتي نتاجا لحوار وتوافق سياسي واجتماعي من قاع الى الاعلى، وليس العكس.
واقول هذا من منظور ان الانتخابات النيابية خلال دورات متتالية اصابها تشوهات واتهامات كثيرة. وطاردتها اتهامات بالفساد السياسي والتزوير، والمال الاسود وغيرها من متلازمات التلوث.
العملية الانتخابية بحاجة الى تجويد وحماية. ولا اعتقد ان قانون الانتخاب وحده ما يحتاج الى تعديل وتطوير. والمسالة بحساسيتها مربوطة حتما بما ينساب من تقارير لمراقبة الانتخابات وشهادات لفاعلين سياسيين عن « المال السياسي «. والتقرير الاخير لراصد قال بصريح العبارة : ان المال الاسود اثر على مجمل العملية الانتخابية لمجلس 2020.
و ما هو اهم ايضا ان لا نفكر بقانون الانتخاب تحت ضغوطات اقليمية ودولية، ومن منظور وحسابات دولية. تطوير العملية الانتخابية سياسيا يمكن بمنح الناخب الحق الاقتراع لعدد ممثلي دائرته الانتخابية، وهذا من سينايوهات انظمة الانتخاب ويشكل قفزة انتخابية وسياسية. وهو نظام انتخابي مطبق في دول ديمقراطية كثيرة في العالم.
والسيناريو الثاني الذي اقترحه في لقاء تلفزيوني الوزير الاسبق والفقيه القانوني الدكتور نوفان العجارمة بالتدرج بالانتقال الى نظام القوائم والبدء بنصف فردي ونصف قوائم حزبية. واعتبر ان نقل الشعب كما هو معمول به حاليا بالنظام الانتخابي من النظام الفردي الى نظام القوائم امر غير متقبل من الاردنيين.
قوانين الانتخاب المعمول بها في الدورات الانتخابية الاخيرة، راينا كم خلفت من عنف انتخابي، وفوضى مجتمعية. واليوم التالي للانتخاب تعلن حالة طوارئ امنية في البلاد، قطع طرقات وحرق اطارات وعنف، واطلاق عيارات نارية وموتى وجرحى، وعلو لاصوات غاضبة من النتائج الانتخابية.
تجويد العملية الانتخابية بالاضافة الى تطوير قانون الانتخاب ولاستعادة الثقة بين المواطن وصندوق الاقتراع ، يبدا من استقلالية وحرفية ادارة الانتخابات، ومحاربة المال الاسود بارادة سياسية حازمة وصارمة، وروافد ومغذيات المال السياسي في الانتخابات منابعها معروفة ومرصودة، وقواها الحاملة من طبقة رجال الاعمال وتجار الانتخابات معروفين ايضا ، واخيرا..حماية ارادة الناخبين الحرة والنزيهة.
و لكي تصير الانتخابات نزيهة، والنواب سلطة رقابية وتشريعية، ولنحمي ترسيم العلاقات الدستورية بين السلطات الثلاث،ولتكون مصالح الشعب فوق كل المصالح، ولتكون الديمقراطية الاردنية متوقدة والاكثر تقدما وازدهارا في الاقليم. وهذا حلم وامل ليس فرديا انما وطني وشعبي، وهو الطريق الصواب والسليم لرسم مستقبل الاردن والاجيال القادمة والدولة تحتفل في مئوتها الثانية.
الدستور