«المركز» و»الهيئة»: نسخة حوار صادم
على الرغم من افتراض «الثقة « فيما يصدر عن المؤسسات الرسمية من تقارير وردود، الا انه لا توجد لدي اي معلومات تمكنني من الحكم على ما ورد في التقريرين اللذين صدرا عن المركز الوطني لحقوق الانسان والهيئة المستقلة للانتخاب حول الانتخابات البرلمانية الاخيرة، لكن ما استوقفني هو ان «نسخة « الحوار التي وصلتنا من الطرفين كانت صادمة ومخجلة ايضا.
كان يمكن ان نتابع حواراً وردوداً اخرى تعكس حيوية مؤسساتنا التي نعتز بها، وكان يمكن ايضا ان تتسع صدور اخواننا في المؤسستين لقبول اي انتقادات تشير الى موطن الخلل او الخطا، دون اي اساءة او تجريح، والاهم دون ان تسقط الخلفيات والانطباعات «الشخصية» على الموضوع فتاخذه الى اماكن تطغى فيها لهجة صراعات المواقف والايديولوجيا على دور المؤسسات وتقاليدها، وعلى ادائها العام الذي هو جزء من اداء الدولة.
ربما تكون هذه المرة الاولى التي نشهد فيها على الملأ مثل هذه الردود والاشتباكات «الخشنة» بين مؤسسات الدولة، لكن الاهم من ذلك هو الموضوع الذي جرى حوله النقاش، اقصد هنا الانتخابات البرلمانية، التي تشكل محطة مهمة في سياق حركة الدولة نحو تمكين مؤسساتها، ثم المناخات التي تتعلق بالمزاج الشعبي العام نحو العملية الانتخابية من جهة، ونحو اداء المؤسسات من جهة ثانية.
حين ندقق في المسألتين (تاثير مثل هذه الاشتباكات على صورتنا العامة وعلى مزاج الاردنيين وثقتهم بمؤسساتهم ) نجد انه مثل هذه الاشتباكات بين مؤسستين احدهما المركز الذي يشكل جهة رقابية مهمة على كل ما يتعلق بحقوق الانسان في البلد، كما يشكل مرجعية قانونية واخلاقية لرصد اية انتهاكات تمس حقوق المواطن الاردني، والثانية المؤسسة التي تاسست لتنفيذ العمليات الانتخابية بشكل مستقل دون تدخل او تاثير من اي جهة، سنكتشف حجم الخطا الذي حصل نتيجة ذلك، وحجم الضرر ايضا.
تبقى ملاحظة وهي ان افتراض التنسيق بين المركز والهيئة في تقييم العملية الانتخابية وان كان يبدو غير مطلوبا، الا انه لا شيء يمنع من التعاون بينهما في اطار احترام كل منهما لدور للاخر، وتقديره للجهد الذي قام به، وهذا الاحترام المفترض والتقدير كان من الواجب ان ينعكس اولا على لغة الردود المتبادلة، وثانيا على القبول بمبدا حصول الخطا من اي طرف، مما يستوجب الاعتراف به والعمل على تصحيحه، واخيرا على تقديم مصلحة «المؤسسة» والحفاظ على صورتها ورسالتها وليس اعتماد منطقة المكاسرة بين الاشخاص او تسجيل الاهداف بينهم.
هذا «درس» يجب ان نتعلم منه، وقبل ذلك لابد ان نفهم ما جرى في سياق موضوعي بعيدا عن محاولات الخلط في الاوراق، فسلامة بلدنا اهم، ونحن احوج ما نكون في هذا الوقت الى سد كل الثغرات التي يمكن ان يدخل علينا منها اصوات التشكيك او محاولة زعزعة ثقتنا بانفسنا، يكفي ما لحق بالناس من خيبات امل، وما نعانيه من ازمات، وما ينتظرنا من مخلفات ما بعد كورونا ومن استحقاقاتها ايضا.
الدستور