الأزمة فينا أم في الحكومة؟
نريد فتح القطاعات، ونريد عودة للحياة كما كانت، نريد صرف الزيادات في الرواتب، مع ان الانتاجية كانت بسبب الحظر المتكرر العام المنصرم في ادناها، نريد رفعا للقيود والعودة للفوضى، نريد ان نشكك في اي نهج حكومي، ونريد ان نشكك في المطاعيم ونقول: بالمؤامرة التي من ورائها قوى خارجية وتريد تصفية نسل الأردنيين، وأي غباء هذا؟.
هكذا رسم الكثير من الأردنيين طريقهم وموقفهم، فاستهتروا وخرج قسم منهم عن مفهوم الجماعة وراح يبث السم والعدوى، ويتجاوز على القانون، ويرمينا بكل اسباب البلاء، وهو مصاب، وتجاوز آخرون كثيرا في التساهل في لبس الكمامات وفي تطبيق سياسات العزل والتباعد، فاستباحنا الوباء دون هوادة.
نعم خرجنا عن منطق الوطنية، إلى منطق الغابة، وكرسنا أزمة مجتمع في مواجهة حكومته، وليس هذه الحكومة وحدها، بل إننا ابتعدنا كثيراً عن القيم الفُضلى، فرحنا نضع الخيال في الحديث ونخلط النقد بالهزل، لننتهي لمشهد عودة الحظر واغلاق القطاعات.
نعم نحن من سرنا للهلاك والإغلاقات، وبيدنا وحدنا أن نخرج من هذا المشهد القاتم، وحدنا نعالج الداء، ونقضي على التفشي السريع للوباء، ولا سبيل غير الوعي والالتزام باساليب الحماية المفروضة.
لا احد سيبكي معنا على احوالنا، بل سوف نخرج مثخنيين بالديون والعجز الاقتصادي إن بقينا كما نحن، وسوف تنتهي مؤسسات، وتغلق مرافق بسبب عدم القدرة على البقاء، ولا يمكن اعادتها للتشغيل، واليوم يقول البعض إن الحكومة مقصرة، والحكومة لم تفعل كذا وكذا، وللأسف يعرف هؤلاء ما هي امنيات الحكومة، التي لا تشتهي ولم تتمنَّ ان تكون في هذا الحال، ولا أي حكومة في العالم تحب ان تكون في مواجهة وباء بعينه، فكيف ونحن وهذا الوباء القاتل اصبحنا نغالب بعضنا البعض على البقاء.
للأسف كل السياسات وكل اللجان فشلت للآن باقناع الشعب الأردني بضرورة الالتزام بالحماية، وكل الاجراءات تتبخر توصياتها خارج وداخل العاصمة، هناك فلتان في الالتزام في الكمامات، وفي سبل التعافي المطلوب تطبيقها.
هناك حاجة ماسة لرادع كبير، لكن أي رادع، فحتى المطاعيم جوبهت بسيل من التشكيك والاتهام والتضليل والتشويه للحقائق.
هل يعقل أن هذا المجتمع المتعلم الذي يفاخر بمنجزه العلمي، وفي مؤسساته أن يرتد إلى هذه الصيرورة من شريعة الغاب؟
نعم الأزمة فينا وليست بالحكومات، الأزمة في سلوكنا وفي استجابتنا، وفي موقفنا من الحياة برمته.
الدستور