دولة الرئيس .. إياك و " رغيف العيش "..!!

تم نشره الخميس 09 حزيران / يونيو 2011 02:47 صباحاً
دولة الرئيس .. إياك و " رغيف العيش "..!!
م . سالم أحمد عكور
من المعروف أن ما يطلق عليه بـ " رغيف العيش " هو صناعة مصرية مئة بالمئة وبإمتياز ، وهو ذاته ما نعرفه نحن بـ " رغيف الخبز " .. وهذه التسمية " عيش " لا أتوقع أن يكون أخواننا في الشقيقة مصر قد أطلقوها جزافاً ، بل أعتقد لأهميته في إبقاء الإنسان على قيد الحياة ، لذلك فتوفير " رغيف العيش " يعتبر الهاجس و الهَمّ الأكبر والمادة الغذائية الرئيسية على مائدة أخواننا المصرين ، ولا يمكن الاستغناء عنها ، فبحضور " العيش " تحضر الحياة ، وبغيابه تكون نهاية الحياة ..!!
فالطوابير الطويلة التي يصطفون فيها من أجل " رغيف العيش " .. هيّ عنوان جوعهم الناتج عن الفقر وضيق اليد ، فتوفير هذا الرغيف لذوي الدخول المهترئة هو متطلب رئيسي من أجل بقائهم في خانة " الفقر " رغم قهره ، وتحسباً من الهبوط نحو هاوية " الجوع " وموته البطيء ..!!
قد لا يعني غياب " الخبز أو العيش " وأهميته شيئاً لمن تعوّدت بطونهم الجرباء على التهام " الكيك " كبديل لمادة " العيش أو الخبز " ، وأنهم لا يكترثون حين يغيب عن موائدهم ، فبدائلهم من " الكنتاكي والبيتسا وغيرها كثيرة " كلها متوفرة وتحت الطلب بل أطلقوا عليها بخدمة " الديليفري " ، على عكس أخواننا المصريين الكادحين الذين يقفون في طوابير لها بداية وما لها نهاية من حياتهم اليومية التي تعودوا عليها ..!!
فالأمر إذاً سيّان بالنسبة لهذه النخبة التي سقط عليها العز والثراء من السماء دون أدنى جهد أو تعب ، فلا يأبهون إلاّ بتظخيم ثرائهم وترسيخ فحشهم ، لأنهم لم يعرفوا معنى الفقر والجوع الذي يغرق به الكثير من الشعوب المسحوقة عبر عالمنا العربي التي لا تتأوه إلاّ بحمد الله والدعاء إليه أن يخفف عنهم معاناتهم ..!!
وهناك أناس كثيرون يدافعون عن تلك النخبة ذات الثراء ، وعلى الأغلب هم ممن لهم مصالح معها أو على شاكلتهم ، والكثير منهم من ينكر وجود ذاك الجوع المتغطرس بين الطبقات المسحوقة ، دون ادراك أن هناك الكثير من البشر ممن يتعففون عن إظهار حاجتهم لذاك " الرغيف " رغم أهميته ورمزيته " للحياة أو الموت " ، وأنهم هم الذين يشدّون الأحزمة على البطون لإسكاتها قليلاً ، وأنهم هؤلاء الذين يملأون القدور ماءً لإيهام أطفالهم بوجبةِ غذاءٍ اقترب موعدها ، وأنهم هم الأعظم صبراً للتضوّر جوعاً على التذمر به لمن لا يعرفون للجوع طريقاً ..!!
نعم هنالك الكثير كهؤلاء .. ممن ولدوا والفقر معاً ، وعاشوا وتعايشوا سوياً ، ولم يستطيعوا الافتراق ، بل زاد الفقر في حياتهم فقراً.. وتعودت بطونهم على شدّ الأحزمة ، وبات القِدْرُ في عيون أطفالهم على وشك أن يكون وهماً لا يمكن الاستغناء عنه كوجبةٍ تشبع العيون قبل البطون أحياناً ..!!
صحيح أن هناك " معدودين " منهم من أراد لهم الله أن يرميَّ الجوع والفقر خلفهم ليتجاوزوه إلى حياة أكثر كرامة من ذاك الفقر اللعين ، وذاك الجوع اللئيم .. لكن الاحساس بالجوع والفقر لم يغادر حواسهم الخمس ، ففي كل خطوةٍ من حياتهم الرغيدة يتذكرون آلام ذاك الجوع الذي كان ، وأن الرجوع إلى قهر الفقر والجوع اللعين الذي مضى هو خط أحمر غير قابل لتعدد الألوان ..!!
فعفة النفس عن مدّ اليد ، وتوفير لقمة الخبز هي من المقومات السامية لحياة هؤلاء البشر ، ومفهومهم في هذه الحياة ، أن مدّ اليد هيّ نهاية الحياة .. وتوفير لقمة الخبز هيّ منطلق الحياة ..!!
ولكن هؤلاء الذين لا زالت أقدامهم منغمسة في وحل الفقر الممزوج بآلام الجوع والقهر .. هل ستبقى بدور الناظر إلى تلك الفئات التي تقفز بليلةٍ وضحاها من المرتبة الدنيا في الحياة إلى المرتبة العليا .. وكأن في داخلها تقول " فلان يرث و فلان لا يرث " ..؟؟ .. وإلى أيّ مدى قد يكون الصَبْر في خلجاتها يحتل المرتبة الأولى ..؟؟ وما التوقعات المرجوّة من هذه الفئة في تطوّير ذاتها لتخرج من ذُلِّ الفقر والهوان إلى توفير الحدود الدنيا من متطلبات العيش بكرامة الإنسان ..؟؟ .. وأي درجةٍ من التحمل يستطيع كبتها في خضم كل التحولات التي تدور من حوله .. إضافة إلى تحول أغلب كماليات الحياة التي كان من الممكن أن يستغني عنها قد تحولت إلى ضروريات لا يمكن تجاوزها ..؟؟
فالطفل ينظر إلى نظرائه ممن منَّ الله عليهم من توفير سُبُلِ اللهو واقتناء الألعاب ..!! وذاك المراهق أيضاً الذي ليس أقل حظاً من الطفلِ في اللحاق بركب جيله وما غزاه من تطورات التكنولوجيا المتعددة وأدواتها ..!! و كذلك الشاب الذي يطمح بالوصول إلى درجة موازية لأقرانه أو أقل قليلاً من درجات العلم .. حتى يُكَوِّن لِنفسه نقطة البداية لحياةٍ كريمة تُغنيه عن مدِّ اليد أو التشرد والضياع بين المآسي التي بتنا نسمعها ونشاهدها يومياً ..!!
نعم وألف نعم .. لقد تحوّلت أغلب كماليات الحياة في عصرنا نحن الأباء ، إلى ضروريات حياةٍ لا يمكن الاستغناء عنها في هذا العصر الجديد ، عصر تكنولوجيا التواصل والاتصال .. وعصر العلم والمعرفة ، فبات الأب دائماً وبصورةٍ دؤوبة لا يهدأ له بال ، حتى يوفر ما يستطيع إليه سبيلا من هذه الضروريات المُلِحة التي توازت في قيمتها المعنويةِ مع لُقمة الخُبز ..!!


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات