حلم ليلة شتاء
وفيما أنا أغوص في أرخبيل المسرات الفاترة بين أوقيانوسي الصحو ومملكة الظلمات، رأيت فيما رأيت ان جهود الحكومة تتكاتف مع جهود مجلس الأمة بشقيه من أجل قطع دابر الفساد والإفساد والربح غير المشروع.
تم تشكيل لجنة عليا ذات صلاحيات كبيرة .كان الاحتفال كبيراً؛ إذ جابت المظاهرات المؤيدة جميع المدن وقرى وبوادي المملكة، وعقدت الندوات والمحاضرات، وتليت الكلمات الصباحية في الإذاعات المدرسية، وطُبعت البوسترات، وجرى يانصيب وطني خيري لدعم اللجنة حتى لا تمد يدها إلى أحد، وانهمك أعضاء لجنة « الشعب « كما سُميت، بالتجوال في القرى والبوادي الأردنية شارحين وجهات نظرهم ومناهجهم في الكشف عن الفساد والإفساد، خصوصاً في قضايا الغداء والدواء. وعاهد أعضاء وعضوات اللجنة الجماهير على كشف الحقائق ومحاسبة المسئولين عن سرقة الشعب والمال العام، ابتداء من بائع السردين في دُكان صغير بفارق (تعريفه) من السعر الأصلي، وحتى الحيتان الكبار في كل مكان.
وبما أننا شعب معطاء وكريم، فقد أولمت القرى بكل مكان حلت فيه اللجنة، حتى تم القضاء نهائياً على (دابر) الثروة الحيوانية، فتم استيراد نصف مليون رأس من الغنم لإنجاح الاحتفالات، مما أدى إلى وفاة ستة من أعضاء اللجنة بأمراض قلبية نتيجة الإجهاد والتخمة وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.
هذا ما جعل انتخابات تكميلية لإحلال بُدلاء عن الشهداء الستة.
وخوفاً على أعضاء اللجنة من التأثر بالإمراض الناتجة عن تلوث الغذاء والدواء والماء؛ فقد أنشئت مصانع الدواء والغذاء والحلويات داخل أملاك اللجنة، وتم طرح عطاء لتكليف مستوردين للمواد غير المصنعة محلياً.
وتم تشكيل لجنة عليا ذات صلاحيات كبيرة. كان الاحتفال كبيراً، لكنني صحوت فجأة؛ وفاتتني فرصة المشاركة في الهيزعة مرة ثالثة.
من كتابي الجديد «البالون رقم10»)
الدستور