واشنطن تحتفل بالهزيمة..
قرار الرئيس الامريكي جو بايدن سحب كامل قواته من أفغانستان بالتنسيق مع حلف الناتو، وتبريره ذلك بانتهاء المهمة، هو إقرار بالهزيمة لأن الهدف كان وما زال هو منع حركة طالبان من العودة إلى حكم أفغانستان،بعد ازاحتها عنه قبل عشرين عاما..والسؤال لماذا تحتفل واشنطن بهزيمتها؟!.
واشنطن أدركت أن الحروب طويلة الأمد وبلا نهاية لا يمكن حسمها أمنيا ،وادركت أن بقاءها يعني نهايتها كامبراطورية عظمى،وأن خسارتها نحو (25000)الف جندي بين قتيل وجريح، إضافة إلى تريلوني دولار دون تحقيق هدف استقرار النظام الحليف لها في كابول، هو الهزيمة المرّة ،وأن الإنسحاب هو الخيار الوحيد أمامها، خاصة أن حركة طالبان تسيطر أليوم على أكثر من 60%من الأراضي الأفغانية، وأن حكومة أشرف غني غير قادرة على الصمود لاشهر بعد خروج واشنطن والناتو من أفغانستان.
التقارير الأولية أن واشنطن ترغب بنشر جزء من قواتها الجوية في جوار أفغانستان مثل أوزبكستان وطاجسكستان والهدف هو توفير الغطاء الجوي لقوات كابول عندما تتعرض لهجمات دموية، وربما أن واشنطن تستخدم حاملات الطائرات لضرب قواعد ومقرات طالبان،بعد الإنسحاب، وهذه الاستراتيجية الجديدة محفوفة بالمخاطر كون أن الفصائل الأفغانية المسلحة مشرذمة وضد بعضها، وقد تتوحد ضد حكومة كابول حليفة واشنطن.
واشنطن تتبجح بأنها تركت نحو (300)الف جندي أفغاني موالين لحكومة غني، وهؤلاء غير قادرين على حماية العاصمة وما حولها من هجمات طالبان واخواتهما،خاصة أن التقديرات تشير إلى أن نحو أربعة ملايين أفغاني يملكون السلاح الخفيف والمتوسط، وأن هؤلاء موزعين بين تنظيمات إسلامية مثل القاعدة وتنظيم الدولة وحماة الإمارة، إضافة إلى وجود زعامات قبلية راغبة بالوصول إلى السلطة،كما أن قبيلة البشتون التي تنتمي لها غالبية قوات طالبان تدين بالعداء لحكومة كابول.
الخلاصة الوحيدة لنهاية الحرب الأمريكية والغربية في أفغانستان وقبلها السوفياتية تتمثل في نقطة واحدة وهي أن الشعوب لا تقهر ولا تعرف الهزيمة ولا يمكن فرض نظام حكم عليها دون قبولها ورغبتها، وكلا الهزيمتين لواشنطن وموسكو تؤكدان أن أفغانستان هي مقبرة الامبراطوريات سواء في الماضي أو الحاضر وأن مافعلتاه هوإحتفال بالهزيمة وكل على طريقته.
الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان مماثل للانسحاب السوفيتي منها،فقد ترك الكرملن حينها حكومة موالية له،وتعهد بحمايتها لكنه غادر وتركها لمصيرها وبعد سنوات من الحرب الأهلية دخلت طالبان إلى كابول وحولت البلاد إلى إمارة إسلامية، واليوم فإن المشهد الافغاني يتكرر بالانسحاب الامريكي والاحتفال بالهزيمة، فقد تركت حكومة أشرف غني لمصيرها، وهناك شبه إجماع أن ما بعد خروج أمريكا والناتو سوف تتدحرج البلاد نحو حرب أهلية جديدة وفي النهاية ستدخل طالبان إلى كابول، والسؤال الذي ما زال برسم الاجاية..هل يشهد العالم غروب شمس الامبراطوية الأمريكية كما حدث للاتحاد السوفيتي؟!.
الدستور