مراجعات و إصلاحات
الحكومات لا تعكس المجتمع فقط بل تكون في احيانا كثيرة في مقدمته من حيث التنمية. حتى يتحقق ذلك، من الضروري ان يتم فرز قيادات قادرة على اجراء المراجعات اللازمة و القيام باصلاحات مستمرة تحقق للادارة الحكومية اهدافها. نتحدث في هذه الايام عن مراجعات و اصلاحات يتطلع اليها المجتمع بعد ازمات صحية و ادارية و اقتصادية و سياسية مر بها الاردن على مدى اكثر من عام، و بشكل متوال و مركب.
و مع كل الصعوبات، فان الظروف مهيئة لاجراء مراجعات شاملة و فتح افاق جديدة للمستقبل. علينا البناء على انجازات الماضي و ليس الانفصال عنه، و في نفس الوقت، ان تكون لدينا الجرأة في المراجعة و المصارحة الحقيقية مع الذات. الحالة النفسية للمواطن، و الاقتصادية السياسية للمجتمع، موائمة لتغييرات استراتيجية و عملية يمكن انفاذها الان حتى نتمكن من اعادة التمركز السليم و الانطلاق بقوة نحو المئوية الثانية.
مع الاحترام لكل الاراء التي تتحدث اليوم عن عدم جاهزية الحياة السياسية للتغيير، و صعوبة اتفاق التيارات المختلفة على قوانين مركزية كقوانين الاحزاب و الانتخاب، و غيرها من التشريعات المهمة، و تردد المواطن في الانخراط في العمل السياسي الحزبي الممنهج - فان كل ذلك و غيره، لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها. من واجبات الحكومة الطبيعية اجراء المراجعات بفعالية عن طريق تفعيل لجان الخبراء و اشراك المجتمع في نقاش جدي حول الاصلاح.
هي مسؤولية الحكومات، الدستورية و الوطنية و المعنوية، ان تبادر الى معالجة تحديات الوطن و بناء مشروع نهضة متكامل يشرك المواطن في قضايا وطنه بفعالية و ايجابية، قبل ان تكون مسؤولية الاحزاب و التيارات السياسية او حتى النخب. ان القيادة هي للحكومات و عليها تفعيل دورها و بسرعة، و هنا يأتي دور القيادات الحكومية الوطنية التي تعرف مكنونات الاردن و فحوى رسالته. قيادات تفهم نفسية و هموم و طموحات المواطن الانسان. يتطلب ذلك ادراك التحديات، و الابداع المقرون بالعمل الصبور، المنضبط، و المستدام.
العمل العام تكليف لا تشريف و فيه مشقة و ايثار. لقد تعرضت قيمة العمل العام في بلدنا خلال السنوات الماضية الى اضعاف و تشتيت، و لا بد من اعادة الاعتبار لها في ثقافتنا الاجتماعية كنقطة بداية للاصلاح. لدينا اليوم نافذة حية للتغيير الايجابي في كل مفاصل الدولة، و علينا ان نقوم بذلك بشكل علمي ممنهج و بنظرة طويلة الامد. نهضتنا المرتقبة ستعتمد على نجاحنا في تقييم و تقويم تجربتنا الوطنية بشكل شامل و شفاف.
الدستور