الاستراتيجية الزراعية
اعادت ازمة كورونا الحديث عن الاستراتيجية الزراعية الى الواجهة و بشكل ملح. يطرح المراقبون اليوم اسئلة هامة متعددة منها: ما هو مستقبل الزراعة الاردنية؟ ما هي الاستراتيجية الحكومية في هذا المجال الحيوي؟ كيف لنا ان ندعم القطاع الزراعي حتى يعود له القه و عنفوانه؟ ما هي سياساتنا في موضوع الامن الغذائي؟ اسئلة موضوعية و طبيعية تبحث عن اجابات شافية.
في زمن يبدو بعيدا، كان لدى الاردن ميزات زراعية فعالة على مستوى الاقليم، فمع محدودية الموارد المائية، تمكنا في في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي من تحقيق قفزات نوعية جعلت من الاردن حجر اساس في امن المنطقة الغذائي. و قد اثبتنا كمزارعين افراد و شركات، قدرة مبرهنة على العمل الجاد و الابتكار و قمنا بتحقيق تفوقا نسبيا ملحوظا، و عاش القطاع على اثر ذلك حيوية و نشاطا جعل من الزراعة موردا استراتيجيا فاعلا.
تحتاج الزراعة على اختلاف انواعها الى نظرة رسمية جادة و سريعة. و هنا لا بد ان تكون السياسات الحكومية منسقة، متوازنة، و مشبكة. ان دعم الزراعة الاردنية هو من انجح الاستراتيجييات الوطنية و غايته ليست فقط الامن الغذائي على اهميته، بل الامن المجتمعي و الاقتصادي ككل. يمكن للزراعة ان تكون محورا رئيسيا من محاور دعم المشاريع الصغيرة و ريادة الاعمال، و تؤدي الى الحد من الهجرة الى المدن، و ايضا تريح الضغط المستمر على الوظائف الحكومية.
اضافة الى اهمية الزراعة الاستراتيجية من باب توفير سلة الغذاء الوطنية و زيادة الصادرات و توظيف الشباب مع الاستفادة من ابتكاراتهم، هناك عناصر الاستدامة البيئية. الزراعة التي تعتمد على التكنولوجيا المستحدثة بمختلف انواعها صديقة للببيئة من حيث الاستغلال الامثل للمياه و عدم هدرها، و كذلك العناية بالتربة و الهواء و التركيز على منتجات غذائية صحية تعيد للمجتمع عافيته و استدامته و تبعد عنه الامراض القاتلة الصامته كالكولسترول و السمنة و السكري و ارتفاع ضغط الدم الى اخر تلك القائمة التي باتت تؤرق المجتمعات الحديثة بسسب الانماط الغذائية و السلوكية السائدة.
الحاجة ماسة الى استراتيجية زراعية شاملة عابرة للوزرارت و الحكومات تربط حيويا الابتكار بملف المياه مع الغذاء و البئية و العمل و الصحة. الزراعة كانت احد مفاتيح التنمية سابقا، و يمكن ان تشكل محور الاختراق المطلوب مستقبلا مع بداية المئوية الثانية.
الدستور