صورة تقشعر لها الأبدان

تم نشره الخميس 30 حزيران / يونيو 2011 01:45 صباحاً
صورة تقشعر لها الأبدان
المدينة نيوز – خاص – أريج عيسى الخطيب - : كم هو مؤلم هذا المشهد، وكم هي صادمة هذه الصورة. أطالعها يوميا في طريق عودتي من العمل لاصطحاب أطفالي من بيت الوالدة حيث ترعاهم مشكورة بينما أنا في عملي. تدفئهم في برد الشتاء وتظلهم من حر الصيف. ورغم يقيني أنهم في ظل رعايتها في غاية الأمان إلا أنني أظل قلقة عليهم طوال ساعات العمل. إنه كما يقولون قلب الأم.
أشكر الله على نعمه، وأسأله أن يديم الوالدة في أتم الصحة والعافية. ,اتمنى من الله أن يقدرني وأباهم على رعايتهم وتربيتهم وإنشائهم في جو من الحب والأمان. ربما كنا من الميسورين بما أنعمه الله علينا من علم أهلنا إلى أعمال تحفظ كرامتنا. إلا أننا شاهدنا ونشاهد على الدوام نماذج لآباء وأمهات لا يملكون إلا أقل القليل، وبالرغم من ذلك احتضنوا فلذات أكبادهم وأحاطوهم بالرعاية ووفروا لهم قدرا كبيرا من الأمان. بل وعلموهم حتى أصبحوا أفرادا منتجين يفخر بهم كل من التقاهم.
أما هذا المشهد اليومي المؤلم القاسي، لكائن حي يبدو من تحت نقابه أنه امرأة، تجلس بأطفالها في عز حر أشعة الشمس القاسية، والأتربة، ودخان السيارات، وقذارة حاويتي القمامة اللتين ترتكز إليهما مطأطئة رأسها إلى الأسفل. والطفلان (لعلي أحسن النية وأفترض أنهما ابناؤها) في حالة بين اليقظة والإغماء من شدة الإعياء والحر وربما الجوع أو ..بالتأكيد. هذا المشهد لم أره من قبل وأكيدة من أنه غريب على حياتنا.
نرى المتسولين في أماكن عديدة، على إشارات المرور، عند أبواب المساجد والمستشفيات، وفي الأسواق، وبعضهم يستغل براءة الأطفال في تسوله، لكن مهانة كهذه لا تستطيع العين أن تتقبلها بأي شكل من الأشكال. فالمكان في اختيارها له مكان منزو ليس عليه حركة كثيرة إلا من بعض سيارات سكان المنطقة. وليس بجوار أي مكان تجاري أو ديني.
ساحة خالية وحاويتان. امتهان لكرامة الطفولة البريئة، وإساءة لكل المجتمع.
إذا استبعدنا الجهات الحكومية الداعمة للحالات الإنسانية على افتراض أنها طرقت باب وزارة التنمية مثلا . فإن المحسنين في مجتمعنا كثيرون. ولنفترض ايضا أنها قوبلت بالرفض أيضا أو أنها لم تستدل إلى من يعينها على إعالة أبنائها. فإن الظاهر من بنية جسدها أنها في متوسط العمر، أليس من الأجدر أن تعمل ولو بلقمة العيش؟ أليس من الأكرم لو لجأت إلى إدارة مثل إدارة حماية الأسرة، أو حتى إلى أحد أئمة المساجد مثلا؟ أم أنها تمتهن البؤس؟!
حاولت أن أجد لها عذرا، أي عذر. الفقر، الجهل، البطالة، الجحود. لكنني توقفت للحظة ومر ببالي مشهد قطة كانت تحمل صغارها بفمها حتى تجد مكانا آمنا من الحر والبرد والبشر وتطوقهم بجسدها حتى تشعرهم بالأمان.
حاولت أن أتعاطف معها، فاجتاحتني ذكرى قصة امرأة غيب الموت زوجها تاركا لها وراءه عشر بنات وولدا صغيرا وآخر في رحمها، ولم يترك وراءه ثروة أو حتى راتبا تعيش به. وها هي الآن في الستين من عمرها وقد زوجتهم جميعا بعد أن حصنتهم بالعلم والإيمان. دون أن تمد يدها أو تطأطئ رأسها. ودون أن تمتهن كرامتهم أو تجرح إنسانيتهم. قالت لنا في مرة، أنها كانت تقوم في منتصف الليل لتنظر إليهم وتعدهم وتتأكد أنهم جميعا نائمون، ثم تجلس وتدعو الله بالستر.
أين هذه من تلك؟ ..
عفوا، لا أعذار...
لا أعرف ما هي قصتها وبمنتهى الصراحة لا أريد أن أعرف. لأنه لا مبرر لما تقوم به. واليوم قمت بالاتصال بالأمن العام، وأخبرتهم بالقصة والعنوان. بداية، خوفا على الطفلين، وهو الأهم. وثانيا خوفا منها (أو منه) فهويتها غير معرفة إن كانت رجلا أم امرأة، وإن كان الطفلان أبناءها أم لا. أفكار كثيرة تخطر على بال أي منا إذا شاهد هذا المشهد يوميا ولأكثر من شهر.
أتمنى أن نصون كرامة الطفولة المنشورة تحت أشعة الشمس وفي ظل القمامة. ما أقساها من صورة: فما أكثر من يتمنون من الله طفلا يملأ حياتهم فرحا رغم ضيق الحال. أفلا يعتبر الإنسان؟! ..

أمومة وطفولة بائستان



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات