عن الكتابة ِ والكاتبين!
في الكلام والكتابة والبوح، لا ينفع أن نفتح «قواميس الكلام» ونستحضر معجمات اللغة لكي نكتب حكايتنا أو قصّتنا أو قصيدتنا!
في الكتابة، لا ينفع أن نحشر العاشق في الزاوية لكي نكتب عنه.
لا ينفع أن نخنق الوردة ونقطفها ثم نرميها في الخراب لكي نكتب حكايتها الموجعة.
لا ينفع أن ننكأ جراحا، أوشكت على التئام، لكي نعيد الكتابة عنها.
لا ينفع أن نستعير مفردة من هنا أو حرفا من هناك أو سطرا من جيبنا في القميص وسطرين من جيوب السروال، لكي نكتب عن ولد ٍ فقد رغيفه.
..
في الكلام، اتركوا الفكرة تنضج على مهلها واتركوا المفردة تتشكّل في مداها الرّحب ولا تضعوا الحُب ّ في أباريق محكمة الإغلاق لكي ترووا حكايته.
كيف ينفع أن تمنعوا الهواء عن الحبّ وتكتبوا أنه معافى وبهيّ ومدهش وناصع ومؤتلق ٌ؟
..
في الكلام عن الكلام، اتركوا الورد ينمو كما يليق بحنوّ التراب والماء واتركوا الحـَـب ّ ينضج ويخرج كما ولدته السنابل وامنحوه فرصة ً لكي يرى الشمس وتراه.
هنا، في الشمس والحـَـب ّ الذي كما ولدته السنابل والمفردة التي في الهواء النقيّ، هنا فحسب، يكون الكلام كما يشتهي العاشقون والمتعبون والحالمون وفاقدو الدرب وفاقدو الورد وكذا مثلما يشتهي متذوّقو الفكرة النقيّة وحارسو العبارة الواضحة والفكرة التي تجعل الحياة الرقيقة سانحة.
فالكتابة ُ في آخر الأمر، لا ينفع أن تكون قنّينة حبر ٍ ورزمة أوراق وأصابع تتحرّك!
الكتابة ضرورة وهواء!
والكاتب لكي يعيش ويتنفّس ويسمع ويرى ويفكّر، يحتاج إلى رغيف خبز ٍ ورداء ٍ بلا حسرات ومكان آمن للنوم وكرسيّ واضح على رصيف مفتوح في الهواء.
(كنت أحاول الإجابة عن أسئلة الكتابة).
الدستور