التـرابـــــط العائـلــــي بيــن الماضــي والحـاضـــــر

تم نشره الإثنين 04 تمّوز / يوليو 2011 01:49 صباحاً
التـرابـــــط العائـلــــي بيــن الماضــي والحـاضـــــر
عزام البوريني


بيــت متواضــع وبســيط , صغيـــر بمـسـاحتــه ,ومـع ذلـك كــان يتســع لعائلــة مهمــا كبــر عــدد أفـرادهــا , لأنــه كــان يحمــل الــدفء بيــن جــدرانــه للجميــع , يتبــادلون فيــه البســمــة وألعـاب التسـليــة والكلمـــة , لا يخــرج أحــد منهــم إلا وانتظــروه حتــى يعــود , ولا مــريــض إلا والتفــوا جميعــا حولــه كــل يرعــاه ويخدمــه , بكل ما يملــك ويستـطيــع , حتـى يشــفــى ويعــود إلـى ســابق حالــه .

وعلــى ضــوء النجــوم , وســكون الليــل , وإبريــق الشــاي الـذي تجهــزه الأم , بعــد أن إفتـرشــوا (حــوش) أو مـدخل البيــت , تلتقــي العائلــة , كـي يسـهـروا ويتسـامـروا ســويــا , وقــد يــأخــذ النعــاس أحيـانــا بعضهــم , خاصــة الأطفــال , فيسـتسـلمــون للنــوم , وقــد يبقــوا في مكانهــم حتــى الصبــاح .

كــان قـطبــي العائلـــة , أي الوالــد والوالــدة , همــا الحكيمــيـن والحـكميــــن لأفرادهــا , يقــدمــون النصــــح والمشــــورة لكــل فـــــرد يحتاجـهــا, ويفصلــون في كل موضوع أو خــلاف يصعــب حلــه منهــم , ويؤمنــون للبيــت كــل حاجــة لــه من الغــذاء والكســاء , وطبعــا لا يقــف باقــي أفــراد العائلــة متفرجيــن , بل كل واحــد يقــدم ما يســتطيــع ماديــا , او خــدمــة حســب إمكانيــاتــه وقــدراتــه.

الجميــع همهــم واحــد , فرحهــم وترحـهــم مشــترك , والتعــاون في توفيــر التزامات البيــت عامــة مشـتركــة , وإن كان التعليــم الجامعــي آنــذاك كان محــدودا , ولا يكلــف مثــل ما يكلفــه الآن , الا أن من أكمــل دراســته الثانويــة , كان يجــد الفرصـــة لتكملــة دراســته في الجامعــة بتعــاون الجميــع في ذلـــك .

ذاك مــا كــان في الزمــن الماضــي المنظــور ,أمــا في هــذا الزمــن , الذي تغيــرت فيــه أشــياء ومفاهيــم كثيــرة , فلــم يعــد البيــت مهمــا كبــر صالحــا كـي تقيــم فيــه أكثــر من أســرة واحــدة , فـتفــرقـت العائلــة , بعد أن أخــذ كل من أقــدم على الزواج يبحــث له عن ســكن خــاص إن كان بشــراء بيــت أو اسـتئجــاره , ليقيــم فيــه عنــدمــا يجـــد عــروســه , دون اكتــراث إن كــان ذلك البيــت قريبــا أو بعيــدا من الأهــل أو الأقـــارب .

ولذلــك أخــذت المشـاكـل الأســريــة تـزداد بعــد أن تفـككــت العائلــة عمليــا , وكــل واحــد أصبــحــت الأولويــات له , توفيــر حاجاتــه وحــاجــات أســرتــه , دون الإلتفــات الى غيــره مــن الأقـــارب إلا مــا نـــدر .

وكــان نتيجــة إبتعــاد الأســر بعضهــا عن بعض , أن خـفــت العاطفــة بينهــا , وزادت المشـاكـل بين أفراد العائلــة , خاصــة من الأســر التي تشـكو الحاجــة , ولا تجــد من الأســر الأخــرى من يخــفـف عنهــا ويسـاعـدهــا في تذليــل تلك المشـكلــة .

وهـكـذا أصبحـنا نعيــش في عصــر مــادي , لم تعــد صلــة القربــى هـي العامـل المشـترك الذي يربط الأخ بأخيــه , والأبــن بأبيــه , بقــدر ما أصبحــت المادة , هي التي تربــط , وهـي التي تفــرق , بســبب نظــرة كـل واحــد إليهــا , ومقدار تطبيقــه للشـرائع السـماويــة , التي تحـض على صلــة الرحــم , وتقــديم المسـاعدة ممن يملــك الى من لا يملــــــــك .

إن الوضــع الإقتصـادي الصعب , والذي انعكس سـلبـا على عائـلات كثيـرة , خاصــة وان الخدمــات أصبحــت تقــدم بثمــن كما هــو حال الصحــة والتعليــم , عنــدمــا وجــدت بعض الأســر صعوبــة في توفيــر تلك الخدمــات لأبنــائهــا , كما هــو الحال بالذات في التعليــم الجامعــي , الذي أصبــح عــبء ومن الصعوبــة توفيــره بالنســبة للأســر التي تشــكو من قلــة الدخــل , وتكاليفــه يمتـص معظــم دخل الأســرة , علمــا بأن بعــض الأســر لا تسـتطيــع أن تدرس أبنـائهــا , مما تسـبب في حرمــان الأبنــاء من الدراســة , وتولــد عن ذلك حقــدا وغـضـبــا , وظهــور خـلافــــات ومشـاكل بينهــم وبيـن الأســر الأخــرى التي تملك من المسـاعدة , وبقيــت واقفــة لا تحــرك ســاكنا في مسـاعدتهــم .

إن ذلك يحـتـاج الى إعــادة النظــر في أحيــاء العلاقــات الحميمــة السـابقــة , بإيجــاد التكافــل والتعاضــد العائلــي المفقــود , لتذليــل تلك العقبــات , وترســيخ مبــدأ المحبــة والتعــاون والإنتمــاء بين الأســر الواحــدة , كما كــان في الماضــــي .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات