ذكرى احراق الأقصى .. ماذا تغير ؟
مرت أمس السبت ، الذكرى الثانية والخمسون لإحراق المسجد الأقصى المبارك الذي وقع في الحادي والعشرين من آب من عام 1967 ، حينما قام صهيوني حاقد وتحت تخطيط حكومي خبيث بإشعال النيران في قبلة المسلمين الأولى ، إذ التهمت ألسنة اللهب كامل المسجد من الداخل ومحتوياته النفيسة بما فيها منبر صلاح الدين الذي جلبه معه من حلب عقب تحرير القدس من الصليبيين في العام 1187 .
ولكي لا نمر على مجريات الذكرى كسرد تاريخي فإن كثيرين يطرحون أسئلة لا زالت بلا أجوبة رغم مرور العقو د الخمسة الدامية من تاريخ فلسطين وشعبها وقضيتها وأقصاها .
ما الذي تغير منذ ذلك اليوم المشؤوم حتى الآن ؟؟ .
عقدت قمة في الرباط في الخامس والعشرين من سبتمبر 1969 وقررت انشاء ما يعرف بمنظمة المؤتمر الاسلامي بعضوية أولية قدرها 30 دولة عربية واسلامية ، بعد ذلك باعوام وتحديدا في العام 1976 تم إنشاء صندوق يدعى " صندوق القدس " الذي لا يعرف كيف خدم قضيتها ، إذ لا زال الأقصى تحت الأحتلال والاراضي والمنازل والأحياء المقدسية يتم مصادرتها ، بل إن الأمر الآن يبدو أسوأ من ذي قبل ، حيث يتم الحفر المتواصل اسفل المسجد في حين تنتهك قطعان المستوطنين حرماته وساحاته وأقبيته وأبوابه التاريخية المغلقة منها والمفتوحة بشكل شبه يومي ، ولعل الصورة بدت أكثر قتامة إذا استحضرنا قرار اعتبار منظمة التحرير التي لم تحرر شيئا ممثلا شرعيا ووحيدا للفلسطينيين وبإجماع عربي ، وكأن القدس ملك آباء أبوات رجالات السلطة وليست وقفا اسلاميا غير قابل للتفاوض ولا للمساومة ..
ولئن كانت منظمة المؤتمر الاسلامي تشكلت عقب احراق الاقصى ، ولم تفعل شيئا ، فإن ما ارتكبه الممثل الشرعي والوحيد هو أنه أيضا لم يفعل شيئا ، بل وافق على أن تكون القدس والاقصى واللاجئين التي هي جوهر القضية نسيا منسيا في اتفاقات أوسلو التي وقعها وفده " السري " بعيدا عن الأضواء ، بينما كان وفده المفاوض " العلني " يضحك على نفسه ، ليتبين بأن الأمر كان خدعة وتنازلا ، وها هم أبطال اوسلو يمسكون بتلابيب السلطة في الضفة الغربية وينسقون امنيا مع الإحتلال رغم أن الصهايبنة داسوا على الاتفاق بالنعال .
إن الأقصى ليس قضية فلسطينية ولا عربية فحسب ، بل قضية أسلامية عامة مسؤول عنها الصغير والكبير ، ولمن لا يعرفون سوى العهدة العمرية الخالدة فقط في كل ما يتعلق بالقدس فإننا نذكرهم أيضا بأن الفاروق عمر رضي الله عنه ، لم يقبل أن توزع فلسطين فيئا على المسلمين كغنيمة حرب ، بل ادخرها وقفا لكل الأمة ، ومن هنا ، فإن القدس التي نعيش ذكرى أحراق مسجدها هذه الأيام هي وقف اسلامي لكل الأمة ولا يحق لأي كان التنازل عن أي شبر منها أبدا ما دامت السماوات والأرض .
وفي فاجعة كهذه نرغب في التذكير بما قالته جولدا مائير ، رئيسة وزراء الصهاينة حين تم حرق الاقصى ، حيث قالت وهنا نقتبس : " لم تغمض عيني ليلة حرق الاقصى ، كنت متيقنة بأن إسرائيل سوف يتم سحقها ، ولكن ، وبعد أن حل الصباح ايقنت أن العرب كانوا في نوم عميق " ..
جي بي سي نيوز