افتاء
يواجه المجتمع المسلم المتدين مشكلة عويصة حين تأتي الفتاوى متناقضة، أحدهم يحرم مسألة والآخر يحللها.
كثيرون يرون هذه الظاهرة غير صحيحة، ويتمنون أن يكون هناك مرجع واحد لإصدار الفتاوى.
هناك مراجع كثيرة الآن، ولكن المراجع نفسها مختلفة وكل يغني على هواه، ووفق ما يراه من مصلحة وطنية أو شخصية.
مثلاً الحديث عن الفتاوى المتناقضة حول العمل الجهادي ورأي الدين فيه.
والمعركة لا تزال قائمة أيضاً حول فوائد البنوك، وهل هي من الربا الحرام، رغم وضوح النصوص.
لكن العالم واسع يموج بالمشكلات والقضايا، ويستحيل -عملياً- إيجاد مرجع واحد.
أنا أعتقد -على العكس- أنها ظاهرة ضرورية لاعتاق العقل العربي، والتفكير المتحرر من القيود، فقد جاء في الحديث الشريف «الإثم يحوك في صدرك وإن أفتاك الناس فيه».
كما يقول جان جاك روسو «كثيراً ما يكون الضمير هو المفتي الصادق».
بعض الفتاوى يمارسها أناس غير مختصين أو ملمين بالقضايا وموضوع البحث، سياسية كانت أو عسكرية.
بعض الفتاوى أيضاً تعتمد اعتماداً كلياً على دراسات وأحكام في عهود سابقة وجرى عليها تغيير وتعديل.
أفهم أن تقتصر الفتاوى على العبادات والمواريث والفرائض، والرخص وغيرها، وهي مساحات مهمة في حياة المسلم دون الدخول في القضايا السياسية أو العسكرية.
أفهم أيضاً أن لا تكون الأحكام صارمة حاسمة للجنة أو النار التي اختص الله بها نفسه دون سائر الناس، وأوجد سبحانه المسارب للبشر حين قال «فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ».
من سلسلة مقالات «غير منشورة» للمرحوم كامل الشريف
الدستور