عن الدعارة والشقق المفروشة ومحلات المساج

المدينة نيوز – خاص – داليدا العطي : جميل جدا أن نسعى إلى أسلمة كل شيئ وهي قضية عقدية ذات صلة بمبادئنا وتربيتنا وأخلاقنا وماضينا الذي نعتز به ولا نستحي منه ، حتى ايام الجاهلية الأولى ، تلك التي كان يرفع فيها رايات حمر للدعارة وبيع الأجساد ، فقد كان هناك بين العرب من ينكر ذلك ، ومن يفتخر أنه لم يدخل تلك البيوت العفنة ، ونجد ذلك في الأشعار وأخبار الرواة ، إلى أن جاء الإسلام العظيم وحرم ذلك قطعيا فانبلج صبح الأمة على خير ونور وإشراقات ما زلنا بعد 14 قرنا نتنسم عبيرها الفواح الرصين .
كنا ، وكنا ، وها نحن بعد هذه الأحقاب نمعن في الذل إمعانا بايدينا ، ونحفره بأظافرنا ،و بمحض اختيارنا وخيارنا وكأننا نستمرئ الحيف والشنار والبؤس واللعنة .
استفزني جدا سعي أهالي العقبة لإغلاق محلات المساج ، وهي محلات كان يجب أن تغلق بدون ـ أن يستفز أحد – غير أن الأمر هو غير ذلك وحياتكو .
من قال لكم إن إغلاق المحلات بهذه البساطة ، ؟
هل تذكرون الكازينو الذي ما زلت من أنصاره لأسبابي التي سقتها في حينه ، تذكرون بالتأكيد ، ولكن : فاتكم ما هو أهم من الكازينو ، وأهم من محلات المساج في العقبة أو غير العقبة .
بالأمس ، الجمعة ، وبينما كنت ووالدتي نعد " الدوالي " تجهيزا لغذائنا بعد الظهر إذ بالكهرباء تنقطع فجأة ، وبدون سابق إنذار .. وسمعت أنه وقع ذلك ليلا في عمان أيضا ..
كنت أعتقدني شاطرة ، وصحفية ، ولدي علاقات ما شاء الله حولها ، وإذ بي أفاجأ بأني لا أعرف شيئا البتة ، وبأن علاقاتي في الوسط الحكومي ، وهي معدودة ومحصورة لكي لا يذهب بعضكم بعيدا ، إذ بها لا تعرف هي نفسها عن سبب انقطاع الكهرباء في درجة حرارة وصلت في الزرقاء إلى 44 درجة حسب ظني ، والطامة أن الذين هاتفتهم لهم علاقة بالطاقة والهيئة وبشركة التوليد حتى ، وكانت المفاجأة : أن شركة التوليد لا علاقة لها بانقطاع الكهرباء ، وأن المسؤول عن انقطاع الكهرباء هو شركة التوزيع ، ولما استفسرت عن ذلك قيل لي ، ومصدري موثوق : إن الخصخصة لم تبق للدولة علاقة بالطاقة بالمرة ، وإن العقود التي وقعتها شركات التوزيع تلزم الحكومة بأن لا " تفتح ثمها " مهما فعلت الشركة ، شركة التوزيع ، المسؤولة عن إيصال التيار للناس ، وشركة التوزيع ، أو شركات التوزيع بالأحرى ، شركات خاصة ، مرتبطة بعقود مع الحكومة وعلى من يتضرر من انقطاع الكهرباء أن يشتكي للمحكمة ، أي أنه لا قرار إداريا بخصوص الإنقطاع مع أنه شأن عام ، وإن وصلت القصة للمحاكم ، فعليكم أن تدفعوا ضعف أثمان تلفزيوناتكم التي أعطبها انقطاع التيار المفاجئ ، وعودته المفاجئة ، أو ثلاجتكم التي احترق " ماتورها " وبعد ذلك اكتب شكواك على جناح الحمام البري .
نفس القصة ، تدور أحداثها أو فصولها بالنسبة للكازينو ، فلو عمل الكازينو ولو لم يوقفه البخيت نهاية حكومته الأولى ، لتطلب الأمر أن تدفع الدولة مليارا كتعويض للشركة ، وهو ما لم يحدث ، وليس صحيحا – بالمناسبة – أن الشركة اقامت دعاوي على الحكومة في لندن أو غيرها ، هي كلها شائعات أطلقها نواب معادون للبخيت والحكومة لمزيد من الضغط ، مع أن موضوع الكازينو بات باردا عند الرأي العام ولم يعد مثيرا حتى للقمرجية .
المبهر ، أيها السادة ، هو ما يتعلق بالمساج ، وهو الحقل السياحي الذي فيه شبهات " دعارة " ولكن : هل كل محل مساج يمارس الدعارة ..
هذا هو السؤال الذي يجب أن نتوقف عنده ؟؟ ..
فالمساج عمل ، ومهنة ، شأن اي مهنة أخرى ، يمارسها أجانب غير أردنيين ولا أردنيات لصالح سياح ورجال اعمال وسياسيين وموجودة في كل أنحاء العالم ، وتتقاضى الدولة رسوما وضرائب عليها وعلى نتاجاتها المادية وهذا ما لا ينكره أحد ولكن :
أن نغلق ، ، أو أن نطلب إغلاق كل محلات المساج في الاردن ، بدعوى أن هناك دعارة ، فهذا كمن يقول : أغلقوا كل الشقق المفروشة لأن فيها دعارة ، وهذا شيئ غير منطقي ولا مقبول ولا معقول ..
لنغلق كل محل مساج يثبت أن فيه دعارة ، ولنبق على المحلات المحترمة ، أو لنضع ضوابط للمهنة ، فالمساج عمل وصحة وسياحة ، وبصراحة ممتع ويعبي الراس ويجعلك في منتهى النشاط والحيوية .
الزميلة داليدا العطي