النفط في «العلالي».. ماذا نفعل؟!
يوم أمس ارتفعت أسعار النفط في السوق الأميركية العالمية، وقفز سعر برميل خام برنت الى مافوق 80 دولاراً، هو الأعلى في ثلاث سنوات - بحسب وكالات الانباء - التي اشارت الى ان ذلك يعود الى توقّعات المستثمرين بارتفاع الطلب على البترول، خصوصا بعد اعلان بعض الدول الأوروبية كالنرويج، الانتقال التدريجي وعودة الحياة الطبيعية الى اسواق العمل.
أسعار النفط آخذة بالتصاعد الى ما فوق 60 دولار منذ اشهر، رغم اتفاق (اوبك +) في تموز الماضي على التراجع التدريجي عن تخفيضات الانتاج، والذي اكدت تمسكها بهذا القرار ايضا في وقت سابق من الشهر الحالي.
بدوره رفع بنك «غولدمان ساكس» (Goldman Sachs) من توقعاته لسعر مزيج برنت بحلول نهاية العام الحالي إلى 90 دولارا للبرميل بسبب تعافي الطلب على الوقود بمعدل أسرع من المتوقع من تداعيات انتشار (متحور دلتا) من فيروس كورونا وحتى آثار إعصار آيدا (Ida) على الإمدادات العالمية، وخفض البنك من متوسط توقعاته لعام 2022، للربعين إلى 80 دولارا من 85 دولارا للبرميل في توقعات سابقة آخذا في الاعتبار احتمال التوصل إلى اتفاق نووي أميركي إيراني بحلول أبريل/ نيسان المقبل.
باختصار.. فان هذه الاخبار والتقارير وتحليلات الخبراء تشير الى اننا امام موجة من ارتفاع عالمي لاسعار النفط، سيزيد من الاعباء الاقتصادية على العالم والمنطقة والاردن بشكل مباشر، في وقت تسارع فيه الدول خطاها نحو فتح القطاعات والتعافي من موجة كورونا ومواجهة متحور دلتا، والعمل على رفع معدلات النمو ومواجهة ارتفاع نسب البطالة، ويقابل كل ذلك تحديات عديدة امام عودة خطوط الامدادات وزيادة الانتاج العالمي في مواجهة ارتفاع كلف الشحن والنقل والتأمين وغير ذلك عالميا واقليميا وانعكاس ذلك بالتأكيد محليا.
بالنسبة للاردن هناك تأثير مباشر على كافة القطاعات الاقتصادية والاستهلاكية لان فاتورة الطاقة تمثّل واحدة من اكبر التحديات امام الاقتصاد الوطني، والمؤثرة جدا على معدل النمو الذي تناضل الحكومة من أجل رفع نسبته لأكثر من (2%) وفقا لفرضيات موازنة 2021 ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، وارتفاع فاتورة الطاقة سيزيد من الاعباء وسيؤثر سلبا على معدلات النمو ويفاقم البطالة والمديونية وعجز الموازنة، التي من المقرر بدء اجراءات تحضيرها الشهر المقبل للعام 2022، وسيؤثر كل ذلك بالضرورة على «برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي».
ستواجه الصناعة الاردنية بكافة قطاعاتها تحد تعاني منه بالاصل ويؤثر على تنافسيتها وهو ارتفاع كلف الطاقة من مشتقات نفطية وكهرباء، كما سترتفع كلف النقل على القطاعات الاقتصادية والمستهلكين بالتأكيد.
تأثير ارتفاع كلف الطاقة انعكاسته السلبية كبيرة جدا على بلد مثل الاردن (تستورد النفط) وعلى كافة القطاعات بما في ذلك الزراعة والسياحة والخدمات بالاضافة الى الصناعة والتجارة، ولذلك على الحكومة اتخاذ اجراءات آنية سريعة واخرى متوسطة وبعيدة المدى.
من الاجراءات السريعة الواجب اتخاذها: اعادة النظر بتسعيرة المشتقات النفطية، والابقاء على تثبيت سعر اسطوانة الغاز وتثبيت أسعار الكاز، خصوصا ونحن كما العالم مقبلون على فصل الشتاء الذي يزداد فيه الطلب على المحروقات، كما لا بد من اعادة النظر في رسوم المخزون الاستراتيجي واعادة النظر بالضريبة المقطوعة الثابتة.. أما على المستوى المتوسط والبعيد فيبقى السؤال الاكبر: أين مشاريع «التحوط النفطي» وزيادة القدرة التخزينية لمواجهة مثل هذه الظروف والتي لطالما دعا لها وأكد عليها جلالة الملك عبدالله الثاني وخصوصا منذ بدء جائحة كورونا؟ وأين التوسع بمشاريع الطاقة البديلة والاعتماد عليها؟ وأين التوسع بمشاريع استكشاف الغاز والنفط في الاردن؟.. وأعتقد انه قد آن الاوان لتحريرأسعار المشتقات النفطية لخلق منافسة في السوق المحلية من المفترض أن تنعكس ايجابا على المستهلك.
بقي أن نشير الى أن ارتفاع اسعار النفط عالميا قد تكون له آثار (ايجابية)على الاقتصاد الاردني حيث أن انتعاش اقتصادات الخليج النفطية سينعكس ايجابا على الاقتصاد الاردني من خلال زيادة السياحة والاستثمار وحوالات المغتربين في تلك الدول وهذه أمور مهمة أيضا.
الدستور